105ـ سيرته    مع جلسائه

105ـ سيرته    مع جلسائه

 

من كتاب سيدنا محمد رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

105ـ سيرته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مع جلسائه

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: سِيرَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَعَ جُلَسَائِهِ وَآدَابُهُ مَعَهُمْ:

قَالَ الحُسَيْنُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَسَأَلْتُ أَبِي ـ عَلِيَّاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنْ سِيرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي جُلَسَائِهِ؟

فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَائِمَ الْبِشْرِ (أَيْ: طَلَاقَةُ الوَجْهِ وَالبَشَاشَةِ).

سَهْلَ الخُلُقِ (سَجِيَّتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ السُّهُولَةُ وَعَدَمُ الشِّدَّةِ في أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِالصَّعْبِ).

لَيِّنَ الْجَانِبِ (كَثِيرَ اللُّطْفِ، سَرِيعَ العَطْفِ).

لَيْسَ بِفَظٍّ (أَيْ: لَيْسَ هُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِسَيِّءِ الخُلُقِ).

وَلَا غَلِيظٍ (لَيْسَ بِالجَافِي الطَّبْعِ، الشَّدِيدِ القَاسِي).

وَلَا صَخَّابٍ (أَيْ: وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالصِّيَاحِ).

وَلَا فَحَّاشٍ (لَا يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ قَبِيحٍ).

وَلَا عَيَّابٍ (أَيْ: لَا يَعِيبُ إِنْسَانَاً وَلَا حَيَوَانَاً وَلَا طَعَامَاً، كَمَا جَاءَ في الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا عَابَ ذَوَاقَاً قَطُّ، وَلَا عَابَ طَعَامَاً قَطُّ، إِنِ اشْتَهَى أَكَلَهُ، وَإِلَّا تَرَكَهُ).

وَلَا مُشَّاحٍ ـ وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: وَلَا مَدَّاحٍ، وَلَا مَزَّاحٍ (لَيْسَ بِمُشَاحٍّ، وَالمُشَاحَّةُ: هِيَ المُضَايَقَةُ في الأَشْيَاءِ، وَعَدَمُ التَّسَاهُلِ فِيهَا، شُحَّاً بِهَا وَبُخْلَاً، وَلَا مَدَّاحٍ: أَيْ: لَيْسَ مُبَالَغَاً في مَدْحِ شَيْءٍ مِنْ مُبَاحَاتِ الدُّنْيَا، لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى شَرَهِ النَّفْسِ، وَشِدَّةِ تَعَلُّقِهَا بِهِ، وَلَا كَثِيرَ المُزَاحِ).

يَتَغَافَلُ عَمَّا لَا يَشْتَهِي (يُظْهِرُ الغَفْلَةَ وَالإِعْرَاضَ عَمَّا لَا يَسْتَحْسِنُهُ مِنَ الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ التي تَصْدُرُ مِنْ بَعْضِ الجُلَسَاءِ، تَلَطُّفَاً وَرِفْقَاً بِالجُلَسَاءِ).

وَلَا يُؤَيِّسُ مِنْهُ رَاجِيهِ (أَيْ: مَنْ رَجَاهُ في أَمْرٍ لَمْ يَقْطَعْ رَجَاءَهُ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ آيِسَاً).

وَلَا يَخِيبُ فِيهِ (إِمَّا ثُلَاثِيٌّ مُشْتَقٌّ مِنَ الخَيْبَةِ، وَهُوَ الحِرْمَانُ، بِمَعْنَى: أَنَّ رَاجِيَهُ لَا يَخِيبُ فِيمَا رَجَاهُ، وَإِمَّا بِتَشْدِيدِ اليَاءِ المَكْسُورَةِ، بِمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَا يَجْعَلُ مَنْ رَجَاهُ مَحْرُومَاً فَلَا يُخَيِّبُهُ.

وَفِي نُسْخَةٍ: وَلَا يُجِيبُ فِيهِ: بِالجِيمِ، مِنَ الإِجَابَةِ، وَالضَّمِيرُ في: فِيهِ، رَاجِعٌ إلى مَا لَا يَشْتَهِي، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَا يُجِيبُ أَحَدَاً فِيمَا لَا يَشْتَهِي، بَلْ يَسْكُتُ عَنْهُ عَفْوَاً وَتَكَرُّمَاً ـ كَمَا فَصَّلَ ذَلِكَ في جَمْعِ الوَسَائِلِ).

قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلَاثٍ: الْمِرَاءِ، وَالْإِكْثَارِ، وَمِمَّا لَا يَعْنِيهِ (وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَاعَدَ نَفْسَهُ، فَبَعُدَتْ عَنْ ثَلَاثٍ: المِرَاءِ وَالجِدَالِ كُلِّهِ، إِلَّا مَا كَانَ فِيهِ نُصْرَةٌ لِدِينِ اللهِ تعالى، وَإِقَامَةِ حُجَّةٍ عَلَى المُعَانِدِينَ أَو المُعَارِضِينَ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الجِهَادِ الكَبِيرِ، قَالَ تعالى: ﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ . .﴾. الآيَةَ.

وَقَالَ تعالى: ﴿فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادَاً كَبِيرَا﴾. أَيْ: بِالقُرْآنِ الكَرِيمِ.

وَتَرْكِ الإِكْثَارِ مِنَ الكَلَامِ، وَفِي نُسْخَةٍ مُصَحَّحَةٍ: الإِكْبَارِ، بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ فَمُوَحَّدَةٍ، أَيْ: تَرْكُ اسْتِعْظَامِ نَفْسِهِ في الجُلُوسِ وَالمَشْيِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ في مُعَاشَرَتِهِ مَعَ النَّاسِ، كَمَا في جَمْعِ الوَسَائِلِ).

وَتَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلَاثٍ: كَانَ لَا يَذُمُّ أَحَدَاً وَلَا يُعِيبُهُ، وَلَا يَطْلُبُ عَوْرَتَهُ (العَوْرَةُ هِيَ: مَا يُسْتَحْيَا مِنْهُ أَنْ يَظْهَرَ، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَطْلُبُ الاطِّلَاعَ عَلَى عَوْرَةِ أَحَدٍ، أَيْ: زَلَّاتِهِ وَهَنَاتِهِ، وَلَا يُظْهِرُ مَا يُرِيدُ الإِنْسَانُ سَتْرَهُ، وَلَا يَتَتَبَّعُ عَوْرَاتِ النَّاسِ وَذُنُوبَهُمْ).

وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا فِيمَا رَجَا ثَوَابَهُ (فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ طَوْيلُ الصَّمْتِ، لَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا فِيمَا يَتَوَقَّعُ ثَوَابَهُ عِنْدَ اللهِ تعالى، لِكَوْنِهِ مَطْلُوبَاً شَرْعَاً، أَمَّا الكَلَامُ الذي لَا ثَوَابَ فِيهِ فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِمَعْزِلٍ عَنْهُ).

وَإِذَا تَكَلَّمَ أَطْرَقَ جُلَسَاؤُهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُؤُوسِهِمُ الطَّيْرُ (أَيْ: مَالُوا رُؤُوسَهُمْ وَأَقْبَلُوا بِأَبْصَارِهِمْ إلى صُدُورِهِمْ، وَسَكَتُوا وَسَكَنُوا، إِجْلَالَاً لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَدَبَاً مَعَهُ، فَكَانَتْ صِفَتُهُمْ في ذَلِكَ صِفَةَ مَنْ عَلَى رَأْسِهِ طَائِرٌ يُرِيدُ أَنْ يَصِيدَهُ، فَهُوَ يَخَافُ أَنْ يَتَحَرَّكَ فَيَذْهَبُ الطَّائِرُ).

فَإِذَا سَكَتَ تَكَلَّمُوا (وَهَذَا مِنْ كَمَالِ الأَدَبِ مَعَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يَبْتَدِرُونَهُ بِالكَلَامِ، وَلَا يَتَكَلَّمُونَ مَعَ كَلَامِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ).

لَا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ الحَدِيثَ، وَمَنْ تَكَلَّمَ عِنْدَهُ أَنْصَتُوا لَهُ حَتَّى يَفْرُغَ (وَفِي هَذَا أَيْضَاً دَلِيلٌ عَلَى كَمَالِ أَدَبِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَاهْتِمَامِهِمْ بِآدَابِ المَجْلِسِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يَخْتَصِمُونَ عِنْدَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الحَدِيثِ، وَلَا يُنَازِعُ أَحَدُهُمُ الآخَرَ في تَنَاوُلِ الحَدِيثِ، فَلَا يَتَكَلَّمُ اثْنَانِ مَعَاً، وَلَا يَقْطَعُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ كَلَامَهُ، بَلْ مَنْ تَكَلَّمَ مِنْهُمْ أَنْصَتُوا لَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ كَلَامِهِ).

حَدِيثُهُمْ عِنْدَهُ حَدِيثُ أَوَّلِهِمْ (يَعْنِي: أَنَّ الذي يَتَقَدَّمُ في الكَلَامِ أَوَّلَاً مِنْ أَهْلِ المَجْلِسِ، هُوَ أَوَّلُهُمْ مَجِيئَاً، ثُمَّ وَثُمَّ عَلَى التَّرْتِيبِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ أَنَّ حَدِيثَهُمْ كُلِّهُمْ أَوَّلِهُمْ وَآخِرِهُمْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، هُوَ كَحَدِيثِ أَوَّلِهِمْ في عَدَمِ المَلَالِ مِنْهُ، وَفِي الإِصْغَاءِ التَّامِّ إِلَيْهِ.

وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: حَدِيثُهُمْ عِنْدَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَدِيثُ أَوَّلِهِمْ، أَيْ: أَفْضَلِهِمْ دِينَاً، وَأَعْظَمِهِمْ تَقْوَى).

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونَ مِنْهُ، وَيَتَعَجَّبُ مِمَّا يَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ (وَيَفْعَلُ ذَلِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَأْنِيسَاً لَهُمْ، وَجَبْرَاً لِقُلُوبِهِمْ، وَحُسْنَ مُعَاشَرَةٍ لَهُمْ).

وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْجَفْوَةِ مِنْ مَنْطِقِهِ وَمَسْأَلَتِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ أَصْحَابُهُ لَيَسْتَجْلِبُونَهُمْ (أَيْ: إِنَّهُ كَانَ الصَّحَابَةُ لَيَسْتَجْلِبُونَ الغُرَبَاءَ، وَيَرْغَبُونَ في حُضُورِهِمْ مَجْلِسَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِيَسْتَفِيدُوا بِسَبَبِ أَسْئِلَتِهِمْ).

وَيَقُولُ: «إِذَا رَأَيْتُمْ طَالِبَ الْحَاجَةِ يَطْلُبُهَا فَأَرْفَدُوهُ (أَيْ: فَأَعِينُوا صَاحِبَ الحَاجَةِ عَلَى حَاجَتِهِ حَتَّى يَصِلَ إِلَيْهَا)».

وَلَا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلَّا مِنْ مُكَافِئٍ (قِيلَ: المُرَادُ لَا يَقْبَلُ المَدْحَ إِلَّا مِنْ مُكَافِئٍ، أَيْ: مُقَارِبٍ في مَدْحِهِ، غَيْرِ مُفَرِّطٍ وَلَا مُفَرَّطٍ، أَيْ: لَا مُجَاوِزٍ وَلَا مُقَصِّرٍ، وَالمُجَاوَزَةُ للحَدِّ هِيَ مَا وَرَدَ في قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ـ جَعَلُوهُ ابْنَ اللهِ ـ وَلَكِنْ قُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ».

وَقِيلَ: المَعْنَى: لَا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ رَجُلٍ يَعْرِفُ حَقِيقَةَ إِسْلَامِهِ مِنَ المُخْلِصِينَ الذينَ طَابَقَ لِسَانُهُمْ جَنَانَهُمْ، لَيْسَ مِنَ المُنَافِقِينَ الذينَ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ في قُلُوبِهِمْ، فَيَمْدَحُونَ بِالظَّاهِرِ، وَيَقْدَحُونَ بِالبَاطِنِ.

وَقِيلَ: المَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْبَلُ المَدْحَ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا مِنْ مُكَافِئٍ عَلَى إِنْعَامٍ نَالَهُ المَادِحُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَيَكُونُ مَدْحُهُ مِنْ بَابِ المُكَافَأَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُ، بَلْ يُعِرْضُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، لِأَنَّ اللهَ تعالى ذَمَّ مَنْ يُحِبُّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ، في قَوْلِهِ تعالى: ﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا . . .﴾. الآيَةَ.

وَقَدْ أَوْرَدَ هَذِهِ الوُجُوهَ مِنَ المَعَانِي العَلَّامَةُ الشَّيْخُ عَلِي القَارِي وَالعَلَّامَةُ المَنَاوِيُّ في شَرْحِهِمَا عَلَى الشَّمَائِلِ، وَكَذَلِكَ العَلَّامَةُ الخَفَاجِيُّ وَغَيْرُهُ في شَرْحِ الشِّفَا).

وَلَا يَقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثَهُ حَتَّى يَجُوزَ، فَيَقْطَعُهُ بِنَهْيٍ أَوْ قِيَامٍ (مِنْ تَوَاضُعِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَإِكْرَامِهِ جَلِيسَهُ: أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ كَلَامَهُ، بَلْ يَسْتَمِعُ لَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ كَلَامِهِ، إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ حَدَّ الحَقِّ الذي شَرَعَهُ اللهُ تعالى، فَيَقْطَعُ عَلَيْهِ كَلَامَهُ بِنَهْيِهِ عَنِ اسْتِمْرَارِهِ في الكَلَامِ، أَو بِقِيَامٍ مِنَ المَجْلِسِ).

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 2/ رجب /1440هـ، الموافق: 8/ آذار / 2019م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  من كتاب سيدنا محمد رسول الله   

20-03-2021 2650 مشاهدة
203ـ تمسح الملائكة بالقبر الشريف

رَوَى الدَّارَمِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ كَعْبَاً ـ أَيْ: كَعْبَ الأَحْبَارِ ـ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَذَكَرُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ كَعْبٌ: مَا مِنْ يَوْمٍ يَطْلُعُ ... المزيد

 20-03-2021
 
 2650
12-03-2021 1468 مشاهدة
202ـ إفاضة القبر الشريف بالأسرار والأنوار

بَابُ مَا أَكْرَمَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ. ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادٍ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ أَوْسِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قُحِطَ أَهْلُ المَدِينَةِ قَحْطَاً شَدِيدَاً، ... المزيد

 12-03-2021
 
 1468
19-02-2021 995 مشاهدة
201ـ بكاء الصحابة لتذكرهم عهوده صلى الله عليه وسلم

عَادَ خَبَّابَاً نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَبْشِرْ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، تَرِدُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الحَوْضَ! ... المزيد

 19-02-2021
 
 995
20-11-2020 4141 مشاهدة
200ـ بكاء الصحابة عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم (2)

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ... المزيد

 20-11-2020
 
 4141
13-11-2020 1894 مشاهدة
199ـ بكاء الصحابة عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ رَضِيَ اللهُ ... المزيد

 13-11-2020
 
 1894
06-11-2020 980 مشاهدة
198ـ محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم (5)

بُكَاءُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لِأَلَمِ فِرَاقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبُكَاؤُهُمْ لِتَذَكُّرِ مَجَالِسِهِ، وَبُكَاؤُهُمْ عِنْدَ ذِكْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ... المزيد

 06-11-2020
 
 980

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3153
المكتبة الصوتية 4762
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411926160
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :