أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8038 - الشكوى لغير الله تعالى

13-05-2017 1016 مشاهدة
 السؤال :
ما هو حكم الشكوى لغير الله تعالى من الخلق، رجاء دعوة صالحة منهم، وخاصة من الأبوين؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8038
 2017-05-13

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: الأَصْلُ في الشَّكْوَى للمَخْلُوقَاتِ أَنَّهَا مُنَافِيَةٌ لِكَمَالِ الصَّبْرِ، وَتَحْرُمُ هَذِهِ الشَّكْوَى إِذَا كَانَ فِيهَا تَسَخُّطٌ مِنْ قَدَرِ اللهِ تعالى، لِذَا مِنَ الوَاجِبِ عَلَى العَبْدِ أَن يَجْعَلَ شَكْوَاهُ لِمَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

سَيِّدُنَا يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ﴾.

وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ» رواه الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثانياً: أَمَّا إِذَا كَانَتِ الشَّكْوَى لِغَرَضٍ صَحِيحٍ فَلَا حَرَجَ فِيهَا، كَمَنْ يَشْكُو إلى طَبِيبٍ مَرَضَهُ لِيَصِفَ لَهُ الدَّوَاءَ، أَو كَمَنْ يَشْكُو حَاجَتَهُ وَفَقْرَهُ لِغَنِيٍّ لِيَدْفَعُ لَهُ صَدَقَةً وَمَعُونَةً، أَو يَشْكُو لِأُمِّهِ وَلِأَبِيهِ أَو لِأَحَدٍ مِنَ الصَّالِحِينَ مِنْ أَجْلِ الْتِمَاسِ الدُّعَاءِ مِنْهُ، فَلَا حَرَجَ في هَذا، بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّ الشَّافِيَ الحَقِيقِيَّ إِنَّمَا هُوَ اللهُ تعالى لَا الطَّبِيبُ، وَأَنَّ المُعْطِيَ الحَقِيقِيَّ هُوَ اللهُ تعالى لا العَبْدُ الغَنِيُّ، وَأَنَّ المُسْتَجِيبَ للدُّعَاءِ وَقَاضِيَ الحَاجَاتِ هُوَ اللهُ تعالى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

وبناء على ذلك:

فَالشَّكْوَى يَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ إِلَّا للهِ تعالى، قَالَ تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾. وَلَكِنْ لَا حَرَجَ مِنَ الشَّكْوَى لِمَخْلُوقٍ بِقَصْدِ أَمْرٍ مَـشْرُوعٍ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ شَكْوَاهُ للهِ تعالى أَوَّلَاً؛ عَنِ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَرْفُوعَاً إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إذَا كَانَ الشُّكْرُ قَبْلَ الشَّكْوَى فَلَيْسَ بِشَاكٍ».

فَإِذَا أَرَادَ الإِنْسَانُ أَنْ يَشْكُوَ أَمْرَهُ لِمَخْلُوقٍ مِنْ أَجْلِ طَلَبِ الدُّعَاءِ أَو المُسَاعَدَةِ، مَعَ العِلْمِ اليَقِينِيِّ وَالجَازِمِ بِأَنَّ المُعْطِيَ وَالمَانِعَ الحَقِيقِيَّ إِنَّمَا هُوَ اللهُ تعالى وَحْدَهُ، فَلَا حَرَجَ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَتِ الشَّكْوَى لِطَلَبِ الدُّعَاءِ، وَاسْتِعْطَافِ قُلُوبِ الأَبَوَيْنِ وَالصَّالِحِينَ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1016 مشاهدة
الملف المرفق