أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8524 - «مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ بِعُشْرِ مَا أُمِرَ بِهِ نَجَا»

05-12-2017 5305 مشاهدة
 السؤال :
ما صحة حديث: «إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ مَنْ تَرَكَ مِنْكُمْ عُشْرَ مَا أُمِرَ بِهِ هَلَكَ، ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ بِعُشْرِ مَا أُمِرَ بِهِ نَجَا»؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8524
 2017-12-05

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ جَاءَ في سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ مَنْ تَرَكَ مِنْكُمْ عُشْرَ مَا أُمِرَ بِهِ هَلَكَ، ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ بِعُشْرِ مَا أُمِرَ بِهِ نَجَا» وَهَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَ المُحَدِّثُونَ.

وَجَاءَ في مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ عُلَمَاؤُهُ كَثِيرٌ، خُطَبَاؤُهُ قَلِيلٌ، مَنْ تَرَكَ فِيهِ عُشَيْرَ مَا يَعْلَمُ هَوَى ـ أَوْ قَالَ: هَلَكَ ـ وَسَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَقِلُّ عُلَمَاؤُهُ وَيَكْثُرُ خُطَبَاؤُهُ، مَنْ تَمَسَّكَ فِيهِ بِعُشَيْرِ مَا يَعْلَمُ نَجَا» وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كَذَلِكَ.

وبناء على ذلك:

فَالحَدِيثُ ضَعِيفٌ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ.

الحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَمَسُّكَ السَّلَفِ الأَوَّلِ مِنَ الأُمَّةِ بِالدِّينِ أَمْرٌ فِيهِ سُهُولَةٌ شَدِيدَةٌ، حَيْثُ أُوتِيَ القَوْمُ الإِيمَانَ أَوَّلَاً ثُمَّ القُرْآنَ؛ وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِيهِمْ، وَالعُلَمَاءُ فِيهِمْ كَثِيرُونَ، وَكَانُوا يَجِدُونَ عَلَى الخَيْرِ أَعْوَانَاً.

أَمَّا في آخِرِ الزَّمَانِ يَقِلُّ العُلَمَاءُ، وَيَكْثُرُ الظَّلَمَةُ وَالفُسَّاقُ، وَيَتَّخِذُ النَّاسُ رُؤُوسَاً جُهَّالَاً، وَعِنْدَهَا يُعْذَرُ المُسْلِمُونَ في التَّرْكِ في ذَاكَ الوَقْتِ، للجَهْلِ المُنْتَشِرِ، وَلِقِلَّةِ العُلَمَاءِ، وَلِأَنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ عَلَى الخَيْرِ أَعْوَانَاً، وَهَذَا مَا أَكَّدَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه أبو داود عَنْ أبي ثَعْلَبَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾.

فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَلِ ائْتَمِرُوا بِالمَعْرُوفِ، وَتَنَاهَوْا عَنِ المُنْكَرِ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحَّاً مُطَاعَاً، وَهَوَىً مُتَّبَعَاً، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ بِنَفْسِكَ، وَدَعْ عَنْكَ الْعَوَامَّ، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ، الصَّبْرُ فِيهِ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلَاً يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ».

قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ؟

قَالَ: «أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ».

وفي رِوَايَةٍ قَالَ: «لِأَنَّكُمْ تَجِدُونَ عَلَى الْخَيْرِ أَعْوَانَاً وَلَا يَجِدُونَ عَلَيْهِ أَعْوَانَاً». / كَذَا في تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ إِحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ.

فَفِي آخِرِ الزَّمَانِ مَنْ فَعَلَ عُشْرَ مَا أُمِرَ بِهِ نَجَا، لِعَدَمِ القُدْرَةِ عَلَى مَعْرِفَةِ الحَقِّ، بِسَبَبِ الجَهْلِ، وَقِلَّةِ العُلَمَاءِ، وَكَثْرَةِ الفُسَّاقِ وَالضَّالِّينَ المُضِلِّينَ، لَا للتَّقْصِيرِ وَالإِهْمَالِ مَعَ المَعْرِفَةِ مَعَاذَ اللهِ تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
5305 مشاهدة