أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5214 - هل هذا ينطبق عليه وصف الديوث؟

30-05-2012 39337 مشاهدة
 السؤال :
إذا كان الرجل يرى أخته سافرة متبرِّجة، وتختلط بالرجال وتمازحهم، فهل يعتبر ديوثاً، وماذا يفعل إذا كان والده يقرُّ بهذا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5214
 2012-05-30

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: الدَّيُّوثُ هو الرَّجلُ الذي لا غيرَةَ له على أهلِهِ ومَحارِمِهِ، والرِّضا بذلك كبيرةٌ من الكبائرِ، أخرج الإمام أحمد وغيره عن عبدِ اللهِ بنِ عمر رَضِيَ اللهُ عَنهُما، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «ثَلاثٌ لا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَلا يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: العَاقُّ وَالِدَيْهِ، وَالمَرْأَةُ المُتَرَجِّلَةُ المُتَشَبِّهَةُ بِالرِّجَالِ، وَالدَّيُّوثُ». وأخرج الطبراني وعبد الرزاق والطيالسي وأبو نعيم عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «لا يدخلُ الجنَّةَ دَيُّوثٌ». وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات والخرائطي في مساوئ الأخلاق، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: («إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ خلقَ ثلاثةَ أشياءَ بيدِهِ: خَلَقَ آدمَ بيدِهِ، وكتبَ التوراةَ بيدِهِ، وغَرَسَ الفِرْدَوْسَ بيدِهِ، ثمَّ قالَ: وَعِزَّتي لا يَسْكُنُها مُدْمِنُ خَمْرٍ ولا دَيُّوثٌ». فقالوا: يا رسولَ اللهِ، قدْ عَرَفْنا مُدْمِنَ الخَمْرِ، فما الدَّيُّوثُ؟ قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الذي يُيَسِّرُ لأهْلِهِ السُّوءَ»).

ثانياً: يقول الله عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون}. ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» وعدَّ منهم: «وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» رواه البخاريُّ ومسلمٌ عن ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما.

ثالثاً: يقول الله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُون * كَانُواْ لا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُون} ويقول تعالى: {وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيم}. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ».

رابعاً: جاء في الحديث الشريف: «إِنَّ اللهَ يَغَارُ، وَإِنَّ المُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ المُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ» رواه البخاريُّ ومسلمٌ واللفظ له عن أبي هريرةَ رضي الله عنه. وفي حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن المغيرةِ بنِ شعبةَ رضي الله عنه قال: (قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرُ مُصْفِحٍ عَنْهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ! فَوَاللهِ لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي، مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ»).

خامساً: جاء في الحديث الشريف عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» أخرجه الإمامُ أحمد وأبو داود والترمذيُّ وقال: حديث حسن صحيح.

وبناء على ذلك:

مما لا شكَّ فيه أنَّ والدَ هذه الفتاةِ آثمٌ، ومرتكبٌ كبيرةً من الكبائر، وعليه أن يتوبَ إلى الله تعالى من إقرارِهِ على هذه المعصيةِ، وإلا فهو دَيُّوثٌ، وإذا ماتَ لا يدخلُ الجنَّةَ، ولأنه مقصِّرٌ في مسؤوليتِهِ تجاهَ ابنتِهِ، ولأنه فاقدٌ للرجولةِ والشهامةِ، لأنَّ من طبيعةِ الرجلِ السويِّ أن تكونَ عنده الغيرةُ على زوجته ومحارمِه، وهذا ما جعل الدفاعَ عن العرضِ مشروعاً، ومن ماتَ في سبيلِ ذلك كان شهيداً.

أما بالنسبة للأخ، فعليه أن يأمرَ بالمعروفِ وينهى عن المنكرِ، فإن استطاعَ بيدهِ أن يفعلَ فليفعلْ، إذا لم يحصلْ ضررٌ أكبرُ مما هو فيه، وإلا فبلسانِهِ، ولا يضرُّه بعد ذلكَ شيء في دينِهِ، لأنَّ والدَهُ هو المسؤولُ عن ذلك. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
39337 مشاهدة