أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5666 - عرَّفه على صديقته, وصارت خلوة

25-11-2012 339 مشاهدة
 السؤال :
لي صديق من محافظة غير محافظتي عرَّفني على صديقة له من محافظته، وصارت خلوة بيني وبينها، ثمَّ قطعت الصِّلة بها، وأنا أبحث عن زوجة لي، ولكن الأمور معسرة وأنا خائف أن تكون هذه المرأة جعلت لي سحراً، فماذا أفعل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5666
 2012-11-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: بِئسَ جليسُ السُّوءِ الذي يُعينُ صاحِبَهُ على معصيةِ الله تعالى، وما مَثَلُهُ إلا كَمَثَلَ نافِخِ الكِيرِ الذي أشارَ إليه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بقولِهِ: «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحاً طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحاً خَبِيثَةً» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

لقد ظلمتَ نفسَكَ بِصُحبةِ قَرينِ السُّوءِ، وكأنَّكَ نسيتَ قولَ الله تعالى: ﴿الأَخِلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِين﴾. ونسيتَ قولَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

ثانياً: ما فعلتَهُ مع صديقَةِ هذا الرَّجُلِ حرامٌ عليكَ كما هوَ حرامٌ عليه، مِن مُحادَثَةٍ ومُصافَحَةٍ ومُجالَسَةٍ وخَلوةٍ، والشَّيطانُ هوَ ثالِثُ رجُلٍ وامرأةٍ أجنبِيَّينِ، روى الترمذي عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: « لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ».

ثالثاً: لا تتوهَّم من السِّحرِ ولا من السَّحَرَةِ إذا كُنتَ من عبادِ الله تعالى المُخلِصينِ المُخلَصينَ، لأنَّ الشَّيطانَ ليسَ له سبيلٌ على هؤلاءِ، لقولِهِ تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾. ولقولِهِ تعالى حكايةً عن إبليسَ: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِين * إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِين﴾. وقال تعالى عن السِّحرِ والسَّحَرَةِ: ﴿وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ الله﴾.

رابعاً: كُن على يقينٍ بأنَّ قَدَرَكَ سَيَصِلُ إليكَ، إنْ خيراً فخيرٌ وإنْ شرَّاً فشرٌّ، فكُن مُستقيماً ولا تَخَف وتذكَّرِ الحديثَ الشَّريفَ الذي رواه أبو داوود عَنْ أَبِي حَفْصَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ، إِنَّكَ لَنْ تَجِدَ طَعْمَ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ الْقَلَمَ، فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ، قَالَ: رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» يَا بُنَيَّ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلَيْسَ مِنِّي».

خامساً: أكثِر من الاستِغفارِ الذي هوَ مِفتاحُ الفَرَجِ، كما قال تعالى حِكايةً عن سيِّدِنا نوحٍ عليه السَّلامُ: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً﴾. ويقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ» رواه ابن ماجه عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما.

وبناء على ذلك:

 فاقطعْ صِلَتَكَ مع صديقِكَ وصديقَتِهِ، وذَكِّرْهُ بالله تعالى، وأنَّ علاقَتَهُ مع هذهِ المرأةِ الأجنبِيَّةِ حرامٌ عليه، وعليكَ بتقوى الله تعالى في السِّرِّ والعَلَنِ، ولا تَخشَ أحداً إلا اللهَ تعالى، وأكثِر من الدُّعاءِ والاستِغفارِ، فربُّنا لا يُخَيِّبُ العبدَ التَّائِبَ، وكيفَ يُخَيِّبُهُ اللهُ تعالى وهوَ القائلُ: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين﴾؟ ولا تتوهَّم من سِحرٍ ولا من غيرِهِ إذا كُنتَ مع الله تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
339 مشاهدة
الملف المرفق