أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6588 - حكم لعن الشيطان

15-11-2014 9234 مشاهدة
 السؤال :
هل ورد حديث عن سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يقول فيه: لا تلعنوا الشيطان، فإنه يتعاظم؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6588
 2014-11-15

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَلَعْنُ الشَّيطَانِ جَائِزٌ شَرعَاً، وذلكَ لِقَولِهِ تعالى: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَاناً مَرِيداً * لَعَنَهُ اللهُ﴾.

وجَاءَ في صَحِيحِ الإمام مُسلم عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ: «أَعُوذُ باللهِ مِنْكَ».

ثُمَّ قَالَ: «أَلْعَنُكَ بِلَعْنَة اللهِ ـ ثَلَاثاًـ».

وَبَسَطَ يَدَهُ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئاً، فَلَمَّا فَرَغَ مِن الصَّلَاةِ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ شَيْئاً لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُولُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَرَأَيْنَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ.

قَالَ: «إِنَّ عَدُوَّ اللهِ إِبْلِيسَ جَاءَ بِشِهَابٍ مِنْ نَارٍ لِيَجْعَلَهُ فِي وَجْهِي، فَقُلْتُ: أَعُوذُ باللهِ مِنْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قُلْتُ: أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللهِ التَّامَّةِ، فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَرَدْتُ أَخْذَهُ، واللهِ لَوْلَا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيْمَانَ لَأَصْبَحَ مُوثَقاً يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ». هذا أولاً.

ثانياً: روى أبو طَاهِر المُخلِص، والدَّارَقطنِي، والدَّيلَمِي، عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ مَرفُوعاً قَالَ: لا تَسُبُّوا الشَّيطَانَ، وَتَعَوَّذُوا باللهِ من شَرِّهِ. وهو حَدِيثٌ صَحِيح.

وروى الإمام أحمد عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، عَمَّنْ كَانَ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَهُ عَلَى حِمَارٍ، فَعَثَرَ الْحِمَارُ، فَقُلْتُ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ.

فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقُلْ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ تَعَاظَمَ الشَّيْطَانُ فِي نَفْسِهِ، وَقَالَ: صَرَعْتُهُ بِقُوَّتِي، فَإِذَا قُلْتَ: بِسْمِ اللهِ تَصَاغَرَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ، حَتَّى يَكُونَ أَصْغَرَ مِنْ ذُبَابٍ».

وهذا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ لَيسَ المُرَادُ مِنهُ النَّهْيَ عن سَبِّ الشَّيطَانِ مُطلَقَاً، وإنَّمَا المُرَادُ النَّهْيُ عن ذلكَ عِندَمَا يَتَعَثَّرُ المَرْءُ، أو يَقَعُ في مُشكِلَةٍ، لأنَّ المُسلِمَ إذا سَبَّ الشَّيطَانَ لأَجلِ ذلكَ، فإنَّ الشَّيطَانَ يَتَعَاظَمُ ويَفرَحُ، ويَظُنُّ أنَّهُ هوَ الذي تَسَبَّبَ في ذلكَ التَّعَثُّرِ، أو غَيرِهِ.

وبناء على ذلك:

فَلَعْنَةُ الشَّيطَانِ تَجُوزُ شَرعَاً، ونَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عن سَبِّ الشَّيطَانِ عِندَمَا يَتَعَثَّرُ الإنسَانُ، أو يَقَعُ في مُشكِلَةٍ، لأنَّ الشَّيطَانَ في هذهِ الحَالَةِ يَتَعَاظَمُ ويَظُنُّ أَنَّهُ حَقَّقَ شَيئَاً.

 

وبَحَثْتُ عن حَدِيثِ: لا تَلعَنُوا الشَّيطَانَ، فَإِنَّهُ يَتَعَاظَمُ؛ فَلَم أَجِدْهُ، وعَدَمُ الوُجُودِ لا يَعنِي أَنَّهُ غَيرُ مَوجُودٍ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
9234 مشاهدة