أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7811 - يسيء إلي في غيابي

18-01-2017 1108 مشاهدة
 السؤال :
بلغني صديق لي بأن من أقاربي من يـسيء إلي في غيابي، مع أنه يحترمني في حضوري، فوجدت في نفسي عليه شيئاً، فهل أنا على صواب أم على خطأ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7811
 2017-01-18

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: أَنْتَ عَلَى خَطَأٍ، لِأَنَّكَ لَمْ تَقُلْ لِمَنْ بَلَّغَكَ حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي رواه الترمذي وأبو داود عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُبَلِّغْنِي أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي عَنْ أَحَدٍ شَيْئَاً، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدْرِ». فَوَجَبَ عَلَيْكَ أَنْ تَرُدَّهُ وَمَا قَالَ.

ثانياً: أَنْتَ عَلَى خَطَأٍ، كَيْفَ تُصَدِّقُهُ وَاللهُ تعالى يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمَاً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾؟

وَأَنْتَ خَالَفْتَ أَمْرَ اللهِ تعالى، وَأَمْرَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّكَ مَا نَهَيْتَهُ عَنْ هَذَا الفِعْلِ، وَلَمْ تَتَثَبَّتْ، وَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.

ثالثاً: تَحَلَّ بِأَخْلَاقِ الصَّادِقِينَ وَالصَّالِحِينَ أَهْلِ التَّقْوَى، الذينَ كَانُوا مُصْلِحِينَ وَلَمْ يَكُونُوا مُفْسِدِينَ، وَاسْمَعْ إلى مَوَاقِفهِمْ في مِثْلِ هَذِهِ الأَحْوَالِ:

1ـ جَاءَ رَجُلٌ إلى سَيِّدِنَا خَالِدِ بْنِ الوَليِدِ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ فُلَانَاً شَتَمَكَ.

فَقَالَ: تِلْكَ صَحِيفَتُهُ فَلْيَمْلَأْهَا بِمَا شَاءَ.

2ـ جَاءَ في حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسَاً مَعَ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّي مَرَرْتُ بِفُلَانٍ وَهُوَ يَشْتُمُكَ.

فَغَضِبَ وَقَالَ: مَا وَجَدَ الشَّيْطَانُ رَسُولَاً غَيْرَكَ.

فَمَا بَرِحْتُ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى جَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الشَّاتِمُ فَسَلَّمَ عَلَى وَهْبٍ فَرَدَّ عَلَيْهِ وَمَدَّ يَدَهُ وَصَافَحَهُ وَأَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِ.

3ـ جَاءَ رَجُلٌ إِلى عَليِّ بِنِ الُحسَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ فُلَاناً قَد آذَاكَ وَوَقَعَ فِيْكَ. قَالَ: فَانْطَلِقْ بِنَا إِلَيهِ فَانْطَلَقَ مَعَهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ سَيَنتَصِرُ لِنَفْسِهِ فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ: يَا هَذا إِن كَانَ مَا قُلتَ فِيَّ حَقَاً فَغَفَرَ اللهُ لِي، وِإِن كَانَ مَا قُلتَ فِيَّ بَاطِلاً فَغَفَرَ اللهُ لَكَ./كذا في صفوة الصفوة.

4ـ جَاءَ رَجُلٌ بِنَمِيمَةٍ إلى أَحَدِ الصَّالِحِينَ، فَقَالَ لَهُ: جِئْتَنِي بِثَلَاثِ جِنَايَاتٍ، بَاعَدْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَخِي، وَشَغَلْتَ قَلْبِيَ الخَالِي، وَأَفْسَدْتَ مَكَانَ نَفْسِكَ في نَفْسِي.

5ـ قَالَ أَحَدُهُمْ لِرَجُلٍ: فُلَانٌ شَتَمَكَ.

فَقَالَ لَهُ: هُوَ رَمَانِي بِسَهْمٍ، وَلَمْ يُصِبْنِي، فَلِمَاذَا حَمَلْتَ السَّهْمَ وَغَرَسْتَهُ في قَلْبِي.

6ـ جَاءَ رَجُلٌ إلى الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى فَقَالَ لَهُ: إِنَّ فُلَانَاً يَذْكُرُكَ بِسُوءٍ.

فَأَجَابَهُ: إِذَا صَدَقْتَ فَأَنْتَ نَمَّامٌ، وَإِذَا كَذَبْتَ فَأَنْتَ فَاسِقٌ؛ فَخَجِلَ وَانْصَرَفَ.

وبناء على ذلك:

فاحْذَرْ مِنَ تَصْدِيقِ الكَلَامِ المَنْقُولِ مِنْ غَيْرِ تَثَبُّتٍ، لِأَنَّ هَذَا النَّقْلَ يُفْسِدُ العَلَاقَاتِ بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَرْحَامِكَ، فَإِذَا بَلَّغَكَ صَدِيقُكَ أَنَّ قَرِيبَاً لَكَ يُسِيءُ إِلَيْكَ، فَسَلْهُ: هَلْ يُرِيدُ بِذَلِكَ الإِصْلَاحَ أَمِ الإِفْسَادَ، وَمَا هِيَ غَايَتُهُ مِنْ هَذَا الكَلَامِ؟

وَأَنْتَ يَا نَاقِلَ الكَلَامِ اتَّقِ اللهَ تعالى في نَقْلِ الكَلَامِ، وإِلَّا فَأَنْتَ فَاسِدٌ وَمُفْسِدٌ، وَلَو فَعَلْتَ الطَّاعَاتِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1108 مشاهدة
الملف المرفق