أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5755 - حكم هدم مقامات الأولياء والصالحين

21-02-2013 12030 مشاهدة
 السؤال :
هل يجوز هدم مقامات الأولياء والصالحين ونبش قبورهم؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5755
 2013-02-21

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: لقد كَرَّمَ اللهُ تعالى ابنَ آدمَ حيَّاً ومَيْتاً، لذلكَ أمَرَ بِتَغسيلِ الميْتِ، ثمَّ تطييبِهِ، ثمَّ تكفينِهِ، ثمَّ الصَّلاةِ عليه، ثمَّ دَفنِهِ في قبرٍ مُستَقِلٍّ، وحرَّمَ امتِهانَ القُبورِ والمَشيَ والقُعودَ عليها، ودَعا الإسلامُ لِزِيارةِ القُبورِ، والسَّلامِ على أهلِها والدُّعاءِ لهُم، كما جاء في الأحاديثِ الشَّريفةِ.

ثانياً: نهى النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عن تَجصيصِ القُبورِ ـ تبييضِها بالجصِّ ـ كما روى الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ.

ثالثاً: لا يجوزُ بناءُ مسجِدٍ فوقَ القُبورِ، لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» رواه الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

رابعاً: جاءَ في الحديثِ الذي رواه الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالت: سَمِعتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يقولُ: «لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لَأَمَرْتُ بِالْبَيْتِ فَهُدِمَ، فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ وَأَلْزَقْتُهُ بِالْأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ، بَاباً شَرْقِيَّاً وَبَاباً غَرْبِيَّاً، فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ».

وبناء على ذلك:

 فالأصلُ أن لا يُبنى فوقَ القبرِ شيءٌ، ولكنَّ النَّاظِرَ في واقِعِ المسلمينَ يَرَى غيرَ هذا، وإنَّ الاستِعجالَ بِهَدمِ المقاماتِ فيهِ مَفسَدَةٌ عظيمةٌ وفِتنةٌ كبيرةٌ، وقد تُؤدِّي إلى الاقتِتالِ بينَ المسلمينَ، وسَفكِ دِماءِ بعضِهِمُ البعضِ.

ويقولُ الإمامُ النَّوويُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: إِذَا تَعَارَضَتِ الْمَصَالِحُ أَوْ تَعَارَضَتْ مَصْلَحَةٌ وَمَفْسَدَةٌ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَ فِعْلِ الْمَصْلَحَةِ وَتَرْكِ الْمَفْسَدَةِ بُدِئَ بِالْأَهَمِّ. اهـ.

وأظُنُّ أنَّ تَركَ المقاماتِ على ما هيَ عليهِ معَ التَّوعِيَةِ للمسلمينَ خيرٌ من الفِتنةِ التي سَتَقَعُ بعدَ هَدمِها، ودَرءُ المفاسِدِ مُقدَّمٌ على جَلْبِ المصالِحِ.

أمَّا نَبشُ قُبورِ الصَّالِحينَ وغَيرِ الصَّالِحينَ فلا يجوزُ بالاتِّفاقِ، إلا لِضَرورةٍ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
12030 مشاهدة