أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

2211 - تغيير المدعي أقواله لتخفيف الحكم عن السارق

28-07-2009 74655 مشاهدة
 السؤال :
أقدم إنسان على سرقة بيتي، ورفعت عليه دعوى أمام القضاء، وأقسمت يميناً على أن لا أقول إلا الحق، فقلت الحق بدون زيادة ولا نقصان، وبعد مدة طلب مني محامي السارق أن أغير أقوالي رحمة بالسارق، لأنه متزوج وله أولاد، فهل يجوز أن أغير من أقوالي شيئاً لتخفيف العقوبة عن السارق؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 2211
 2009-07-28

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: هل هذا المحامي الذي يدافع عن السارق رحيم بالسارق لا يأخذ منه شيئاً من المال لقاء أتعابه؟ وهل يعلم هذا المحامي قول الله عز وجل: {هَاأَنتُمْ هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً}؟ وهل يعلم هذا المحامي حديث المرأة المخزومية التي سرقت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقد روى البخاري ومسلم عَنْ السيدة عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؟ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ)؟ ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ: (إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا).

وهل يعلم هذا المحامي أن كسبه حرام في هذه القضية لأنه يدافع عن باطل؟

ثانياً: لا تجوز الشفاعة في حد من حدود الله إذا رفعت القضية أمام القضاء، وصارت بين يدي القاضي.

ثالثاً: لا يجوز للإنسان أن يكذب أمام القاضي ليضيع حقاً من حقوق الله تعالى، أو حقاً من حقوق العباد، وخاصة إذا كان بعد القسم، لأن الكذب بعد القسم يجعل اليمين يميناً غموساً، وهو من أكبر الكبائر.

وبناء على ذلك:

فيحرم عليك تغيير أقوالك أمام القاضي من أجل تخفيف العقوبة عن السارق، لأن الرحمة بالعباد يجب أن تكون مضبوطة بضوابط الشريعة، والعبد لن يكون أرحم من الله تعالى بعباده، فما دام شرع الله لنا حدوداً فلا تجوز الشفاعة فيها بعد رفعها إلى القاضي.

والسارق هو الذي ما رحم نفسه ولا رحم زوجته وأولاده، وكما قال تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُون}.

ودفاع المحامي عن السارق حرام، والوقوف بجانب السارق لقلب الحقائق حرام شرعاً. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
74655 مشاهدة