575ـ خطبة الجمعة: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾

575ـ خطبة الجمعة: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾

 

575ـ خطبة الجمعة: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾

مقدمة الخطبة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا عِبَادَ اللهِ: مِنْ سُنَّةِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَطَرِيقِ الدُّعَاةِ إلى اللهِ تعالى مِنْ بَعْدِهِمْ تَذْكِيرُ الأُمَّةِ بِأَيَّامِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَذَلِكَ امْتِثَالَاً لِأَمْرِ اللهِ تعالى القَائِلِ: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾.

وَأَيَّامُ اللهِ تعالى هِيَ نِعَمُ اللهِِ تعالى، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام أحمد عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾. قَالَ: «بِنِعَمِ اللهِ».

وَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا رَيْبَ، بِأَنَّ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللهِ تعالى عَلَى خَلْقِهِ نِعْمَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكَيْفَ لَا يَكُونُ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللهِ تعالى، وَاللهُ تعالى قَالَ في حَقِّهِ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾؟

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَاتِهِ الشَّرِيفَةِ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ» رواه الحاكم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

يَا عِبَادَ اللهِ: مِنْ هَذَا المُنْطَلَقِ ذَهَبَ عَامَّةُ عُلَمَاءِ الأُمَّةِ إلى تَذْكِيرِ الأُمَّةِ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ العِظَيمَةِ نِعْمَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، في شَهْرِ رَبِيعِ الأَوَّلِ، شَهْرِ مَوْلِدِ الحَبِيبِ الأَعْظَمِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّ بِدَايَةَ هَذِهِ النِّعْمَةِ كَانَتْ في يَوْمِ مَوْلِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِدِينِهِ، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِكَ:

يَا عِبَادَ اللهِ: هُنَاكَ طَائِفَةٌ مُعَيَّنَةٌ مِنَ الأُمَّةِ كُلَّمَا دَخَلَ شَهْرُ رَبِيعٍ الأَوَّلِ فَرَّغُوا أَنْفُسَهُمْ لِتَفْسِيقِ الأُمَّةِ وَتَبْدِيعِهَا وَتَضْلِيلِهَا إِذَا خَطَرَ في بَالِهِمُ الاحْتِفَالُ بِذِكْرَى مَوْلِدِ سَيِّدِ الوُجُودِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكَأَنَّ القَوْمَ تَجَاهَلُوا الحَدِيثَ الشَّرِيفَ الذي رواه النسائي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ يَعْنِي مِنْ أَصْحَابِهِ؛ فَقَالَ: «مَا أَجْلَسَكُمْ؟».

قَالُوا: جَلَسْنَا نَدْعُو اللهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِدِينِهِ، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِكَ.

قَالَ: «آللهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ؟».

قَالُوا: آللهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَلِكَ.

قَالَ: «أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهَمَةً لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمُ المَلَائِكَةَ».

يَا عِبَادَ اللهِ: المَجَالِسُ التي يُذْكَرُ فِيهَا اللهُ تعالى، وَتُذْكَرُ فِيهَا نِعَمُ اللهِ تعالى، وَيُذْكَرُ فِيهَا قَوْلُهُ تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولَاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾. إِنَّهَا مَجَالِسُ يُبَاهِي اللهُ تعالى بِهَا المَلَائِكَةَ الكِرَامَ.

مَنْ أَكْمَلُ حُبَّاً لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

يَا عِبَادَ اللهِ: هَذِهِ الطَّائِفَةُ التي تُفَسِّقُ الأُمَّةَ وَتُبَدِّعُهَا بِسَبَبِ الاحْتِفَالِ بِذِكْرَى المَوْلِدِ النَّبَوِيِّ الـشَّرِيفِ يَحْتَجُّونَ بِقَوْلِهِمْ: لِمَ لَمْ يَحْتَفِلِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ بِمَوْلِدِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، عِلْمَاً أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُمْ مَانِعٌ وَهُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِالسُّنَّةِ، وَأَكْمَلُ حُبَّاً لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَمُتَابَعَةً لِشَرْعِهِ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ؟

يَا عِبَادَ اللهِ: نَحْنُ لَا نَشُكُّ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ الكِرَامَ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ كَانُوا أَعْلَمَ النَّاسِ بِسُنَّةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَكْمَلَ حُبَّاً لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ، بَلْ وَأَكْمَلَ اتِّبَاعَاً للشَّرْعِ الشَّرِيفِ.

لَكِنَّ هَذَا لَا يَعْنِي أَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يَفْعَلُوا أَمْرَاً مِنَ الأُمُورِ المُبَاحَةِ، صَارَ هَذَا الأَمْرُ المُبَاحُ حَرَامَاً، وَمَنِ الذي يَجْتَرِئُ على القَوْلِ بِتَحْرِيمِ المُبَاحِ إِلَّا الجَاهِلُ؟

الحَلَالُ مَا حَلَّلَهُ الشَّرْعُ، وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَهُ الشَّرْعُ، لِقَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾. وَمَعْنَى الآيَةِ فَسَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

لَمْ يَقُلِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَا تَرَكَهُ فَاتْرُكُوهُ؛ وَلَمْ يَقُلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: مَا تَرَكْتُهُ فَاتْرُكُوهُ؛ فَالطَّاعَةُ في امْتِثَالِ الأَمْرِ وَاجْتِنَابِ النَّهْيِ.

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى صَحِيحَةٍ للإمام مسلم يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِـشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ».

وَمَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ» أَيْ: اتْرُكُوا السُّؤَالَ عَمَّا لَمْ آمُرْكُمْ بِهِ أَو أَنْهَكُمْ عَنْهُ، لِأَّنَهُ لَوِ اقْتَضَى الأَمْرُ أَنْ يَأْمُرَ أَمَرَ، أَوْ أَنْ يَنْهَى نَهَى، لِكَوْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُبَلِّغٌ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

فَالتَّرْكُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَا يَعْنِي التَّحْرِيمَ، بَلِ التَّرْكُ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَا يَعْنِي التَّحْرِيمَ، فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ أُمُورَاً وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا، فَمَا فَهِمَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ أَنَّ هَذَا التَّرْكَ يَعْنِي التَّحْرِيمَ.

مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ: تَرْكُ هَدْمِ الكَعْبَةِ، وَإِعَادَةِ بِنَائِهَا على قَوَاعِدِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَتَرْكُ إِنْفَاقِ كَنْزِهَا في سَبِيلِ اللِه عَزَّ وَجَلَّ، لَا لِأَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ لَا يَجُوزُ، بَلْ لِكَوْنِ القَوْمِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، روى الإمام مسلم عَنِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ ـ أَوْ قَالَ: بِكُفْرٍ ـ لَأَنْفَقْتُ كَنْزَ الْكَعْبَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَلَجَعَلْتُ بَابَهَا بِالْأَرْضِ، وَلَأَدْخَلْتُ فِيهَا مِنَ الْحِجْرِ».

التَّرْكُ لَيْسَ حُجَّةً في التَّحْرِيمِ، قَاعِدَةٌ عَامَّةٌ عِنْدَ الفُقَهَاءِ، فَلَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ تَرَكَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صَارَ حَرَامَاً، فَضْلَاً عَمَّا تَرَكَهُ الصَّحَابَةُ الكِرَامُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ؛ وَرَحِمَ اللهُ تعالى مَنْ قَالَ:

التَّرْكُ لَيْسَ بِـحُجَّةٍ في شَرْعِــنَا   ***   لَا يَـقْـتَضِـي مَـنْـعَاً وَلَا إِيجَـابَـاً

فَمَنِ ابْتَغَى حَظْرَاً بِتَرْكِ نَـبِـيِّنَـا   ***   وَرَآهُ حُـــكْمَاً صَـــادِقَـاً وَصَوَابَاً

قَدْ ضَلَّ عَنْ نَـهْجِ الأَدِلَّةِ كُـلِّهَا   ***   بَلْ أَخْطَأَ الحُكْمَ الصَّحِيحَ وَخَابَا

لَا حَظْرَ يُمْكِنُ إِلَّا إِنْ نَهْيٌ أَتَـى   ***   مُــتَــوَعِّـدَاً لِمُـخَـالِفِـيهِ عَــذَابَاً

أَوْ ذَمِّ فِـعْلٍ مُــؤَذِّنٍ بِـعُـقُـوبَةٍ    ***   أَو لَـفْـظِ تَحْـرِيـمٍ يُـوَاكِبُ عَـابَا

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

يَا عِبَادَ اللهِ: قُولُوا لِمَنْ يَتَكَلَّمُ بِالأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِدُونِ دِرَايَةٍ: تَعَلَّمْ قَبْلَ أَنْ تَتَكَلَّمْ، حَتَّى لَا تَقَعَ تَحْتَ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾.

إِذَا اجْتَمَعَ المُسْلِمُونَ في بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله ِتعالى، وَتَدَارَسُوا القُرْآنَ، وَقَرَأُوا مِنْ سِيرَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَمَدَحُوا سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَيْنَ يَكْمُنُ الحَرَامُ؟ وَأَيْنَ يَكْمُنُ المَحْظُورُ الشَّرْعِيُّ؟

يَا عِبَادَ اللهِ: ذَكِّرُوا أَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَكُمْ بِحَبِيبِكُمُ الأَعْظَمِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَائِمَاً وَأَبَدَاً، وَلَا تَجْعَلُوا ذَلِكَ مَقْصُورَاً في شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، لِأَنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾. فَذَكِّرُوهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ تعالى؛ وَيَوْمُ المَوْلِدِ مِنْ أَيَّامِ اللهِ تعالى، وَيَوْمُ البِعْثَةِ مِنْ أَيَّامِ اللهِ تعالى، وَيَوْمُ الهِجْرَةِ مِنْ أَيَّامِ اللهِ تعالى، وَيَوْمُ بَدْرٍ مِنْ أَيَّامِ اللهِ تعالى، وَيَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ مِنْ أَيَّامِ اللهِ تعالى، وَجَمِيعُ سِيرَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَيَّامِ اللهِ تعالى؛ وَكُلُّ ذَلِكَ مُنْبَثِقٌ مِنْ يَوْمِ مَوْلِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلْنَرْبِطْ أَنْفُسَنَا بِالحَبِيبِ الأَعْظَمِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلْنُجَاهِدْ أَنْفُسَنَا بِاتِّبَاعِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ حُجَّةً لَنَا لَا عَلَيْنَا يَوْمَ القِيَامَةِ.

اللَّهُمَّ أَكْرِمْنَا بِذَلِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. آمين.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

**        **     **

تاريخ الخطبة:

الجمعة: 13/ ربيع الأول /1439هـ، الموافق: 1/ كانون الأول / 2017م

 2017-12-01
 4279
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  خطب الجمعة

21-03-2024 612 مشاهدة
905ـ خطبة الجمعة: التقوى ميدان التفاضل بين العباد

لَقَدْ فَرَضَ اللهُ تعالى عَلَيْنَا صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى نَصِلَ إلى مَقَامِ التَّقْوَى، وَالتَّقْوَى هِيَ الْتِزَامُ أَوَامِرِ اللهِ تَعَالَى وَاجْتِنَابُ نَوَاهِيهِ، هِيَ فِعْلُ الْمَأْمُورَاتِ وَتَرْكُ الْمَنْهِيَّاتِ، التَّقْوَى ... المزيد

 21-03-2024
 
 612
14-03-2024 947 مشاهدة
904ـ خطبة الجمعة: حافظوا على الطاعات والعبادات

فَيَا عِبَادَ اللهِ: كُلُّ عَامِلٍ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا لَهُ هَدَفٌ يُرِيدُ الوُصُولَ إِلَيْهِ، وَكُلُّ مُجْتَهِدٍ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا الفَانِيَةِ لَهُ غَايَةٌ يُرِيدُ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا. وَقِيمَةُ كُلِّ إِنْسَانٍ تَأْتِي ... المزيد

 14-03-2024
 
 947
08-03-2024 860 مشاهدة
903ـ خطبة الجمعة: استقبل شهر رمضان بالأمور الآتية

هَا نَحْنُ نَسْتَقْبِلُ شَهْرَ الصَّوْمِ، وَأَنْعِمْ بِالصَّوْمِ عِبَادَةً، بِهِ رَفْعُ الدَّرَجَاتُ، وَتَكْفِيرُ الخَطِيئَاتِ، وَكَسْرُ الشَّهَوَاتِ، وَتَكْثِيرُ الصَّدَقَاتِ، وَوَفْرَةِ الطَّاعَاتِ، وَشُكْرُ عَالِمِ الخَفِيَّاتِ، وَالانْزِجَارُ ... المزيد

 08-03-2024
 
 860
09-02-2024 2554 مشاهدة
902ـ خطبة الجمعة: حاله صلى الله عليه وسلم في شعبان

إِنَّ المُؤْمِنَ لَيَتَقَلَّبُ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَيَمُدُّ اللهُ تعالى لَهُ في أَجَلِهِ، وَكُلَّ يَوْمٍ يَبْقَاهُ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا هُوَ غَنِيمَةٌ لَهُ لِيَتَزَوَّدَ مِنْهُ لِآخِرَتِهِ، وَيَحْرُثَ فِيهِ مَا اسْتَطَاعَ، ... المزيد

 09-02-2024
 
 2554
02-02-2024 2252 مشاهدة
901ـ خطبة الجمعة: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ﴾

لِنَكنْ جَمِيعًا عَلَى يَقِينٍ أَنَّنَا سَنَلْقَى اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾. أَلَا وَإِنَّ الخَيْرَ كُلَّ الخَيْرِ في الجَنَّةِ، وَإِنَّ الشَّرَّ كُلَّ ... المزيد

 02-02-2024
 
 2252
25-01-2024 1485 مشاهدة
900ـ خطبة الجمعة: صورة من صور الحياء (2)

مَنْ فَقَدَ الحَيَاءَ فَقَدَ كُلَّ شَيْءٍ، وَصَارَ مُجَرَّدًا مِنْ كُلِّ خُلُقٍ نَبِيلٍ فَاضِلٍ، فَاقِدُ الحَيَاءِ مَمْقُوتٌ خَائِنٌ لَا رَحْمَةَ عِنْدَهُ، بَلْ في غَالِبِ الأَمْرِ الأَعَمِّ تَجِدُهُ مَلْعُونًا عَلَى أَلْسِنَةِ بَعْضِ الخَلْقِ، ... المزيد

 25-01-2024
 
 1485

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3153
المكتبة الصوتية 4762
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411967740
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :