أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7575 - الصائم أمير نفسه

20-09-2016 3379 مشاهدة
 السؤال :
إنسان صام نافلة، وأفطر بعد العصر، فهل يجب عليه قضاء اليوم عند السادة الشافعية؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7575
 2016-09-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ روى الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ: «يَا عَائِشَةُ، هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟».

قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ.

قَالَ: «فَإِنِّي صَائِمٌ».

قَالَتْ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَأُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ ـ أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ ـ.

قَالَتْ: فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ ـ أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ ـ وَقَدْ خَبَأْتُ لَكَ شَيْئَاً.

قَالَ: «مَا هُوَ؟».

قُلْتُ: حَيْسٌ. (تَمْرٌ مَخْلُوطٌ بِالسَّمْنِ وَأَقِطٍ؛ وَقِيلَ: طَعَامٌ يُتَّخَذُ مِنَ الزُّبْدِ وَالتَّمْرِ وَالْأَقِطِ).

قَالَ: «هَاتِيهِ».

فَجِئْتُ بِهِ فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ: «قَدْ كُنْتُ أَصْبَحْتُ صَائِمَاً».

قَالَ طَلْحَةُ: فَحَدَّثْتُ مُجَاهِدَاً بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: ذَاكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يُخْرِجُ الصَّدَقَةَ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهَا، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا.

وفي رِوَايَةِ النسائي قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا مَثَلُ صَوْمِ الْـمُتَطَوِّعِ مَثَلُ الرَّجُلِ يُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ الصَّدَقَةَ، فَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهَا، وَإِنْ شَاءَ حَبَسَهَا».

وروى الترمذي عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَدَعَا بِشَرَابٍ فَشَرِبَ، ثُمَّ نَاوَلَهَا فَشَرِبَتْ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمَا إِنِّي كُنْتُ صَائِمَةً.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الصَّائِمُ المُتَطَوِّعُ أَمِينُ نَفْسِهِ، إِنْ شَاءَ صَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ». وفي رِوَايَةٍ: «أَمِيرُ نَفْسِهِ».

وروى الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ صَنَعَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ طَعَامَاً، فَدَعَاهُمْ، فَلَمَّا دَخَلُوا وُضِعَ الطَّعَامُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِنِّي صَائِمٌ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «دَعَاكُمْ أَخُوكُمْ وَتَكَلَّفَ لَكُمْ، ثُمَّ تَقُولُ: إِنِّي صَائِمٌ؟ أَفْطِرْ، ثُمَّ صُمْ يَوْمَاً مَكَانَهُ إِنْ شِئْتَ».

وَذَهَبَ فُقَهَاءُ الشَّافِعِيَّةِ إلى أَنَّ مَنْ شَرَعَ في صِيَامِ النَّافِلَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِتْمَامُهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ إِنْ أَفْطَرَ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ إِتْمَامُهُ، فَإِنْ أَفْطَرَ فَيُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهُ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾.

فَإِذَا أَفْطَرَ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَا يُثَابُ على مَا مَضَى، وَإِلا أُثِيبَ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3379 مشاهدة