أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7916 - متى يباح للزوج التعدد؟

22-03-2017 716 مشاهدة
 السؤال :
متى يباح للرجل المتزوج أن يتزوج على زوجته زوجة ثانية؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7916
 2017-03-22

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَإِنَّ تَعَدُّدَ الزَّوْجَاتِ إلى أَرْبَعٍ مَشْرُوعٌ، وَرَدَ بِهِ القُرْآنُ الكَرِيمُ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾.

وَقَدْ ذَكَرَ الفُقَهَاءُ أَنَّ الأَصْلَ في الزَّوَاجِ الثَّانِي مُبَاحٌ، وَقَالَ فُقَهَاءُ الشَّافِعِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَزِيدَ الرَّجُلُ في النِّكَاحِ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ ظَاهِرَةٍ، إِنْ حَصَلَ بِهَا الإِعْفَافُ، لِمَا فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاحِدَةِ مِنَ التَّعَرُّضِ لِلْمُحَرَّمِ، قَال اللهُ تَعَالَى: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾.

وَقَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ يَمِيلُ إِلَى إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَدُ شِقَّيْهِ مَائِلٌ» رواه النسائي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَقَال الأْذْرَعِيُّ: لَوْ أَعَفَّتْهُ وَاحِدَةٌ لَكِنَّهَا عَقِيمٌ اسْتُحِبَّ لَهُ نِكَاحُ وَلُودٍ.

وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ إِبَاحَةَ تَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ إِلَى أَرْبَعٍ إِذَا أَمِنَ عَدَمَ الْجَوْرِ بَيْنَهُنَّ، فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ اقْـتَصَرَ عَلَى مَا يُمْكِنُهُ الْعَدْلُ بَيْنَهُنَّ، فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾. هَذَا أولاً.

ثانياً: الزَّوَاجُ بِالثَّانِيَةِ قَدْ يَكُونُ وَاجِبَاً إِذَا كَانَ الزَّوْجُ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الوُقُوعِ في الحَرَامِ، وَكَانَ قَادِرَاً عَلَى العَدْلِ بَيْنَهُمَا، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾.

ثالثاً: الزَّوَاجُ بِالثَّانِيَةِ لَا حَرَجَ فِيهِ إِذَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ عَقِيمَاً، وَالزَّوْجُ يَشْعُرُ بِالاضْطِرَابِ لِعَدَمِ وُجُودِ وَلَدٍ.

رابعاً: إِذَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ مَرِيضَةً مَرَضَاً يُعْجِزُهَا عَنِ القِيَامِ بِوَاجِبِهَا كَزَوْجَةٍ، وَكَانَ الزَّوْجُ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الوُقُوعِ في الحَرَامِ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِثَانِيَةٍ مَعَ شَرْطِ العَدْلِ بَيْنَهُمَا.

خامساً: إِذَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ نَاشِزَاً، وَتَرْفُضُ العَيْشَ مَعَ الزَّوْجِ بِلَا مُبَرِّرٍ، وَكَانَ الزَّوْجُ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الوُقُوعِ في الحَرَامِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الزَّوَاجُ بِثَانِيَةٍ مَعَ شَرْطِ العَدْلِ بَيْنَهُمَا.

وبناء على ذلك:

فَالزَّوَاجُ بِزَوْجَةٍ ثَانِيَةٍ أَمْرٌ مُبَاحٌ شَرْعَاً، وَلَيْسَ سُنَّةً، وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبَاً عَلَى الزَّوْجِ في بَعْضِ الحَالَاتِ كَمَا ذُكِرَتْ، وَبِشَرْطِ العَدْلِ بَيْنَهُمَا.

وَلَكِنْ عَلَى الرَّجُلِ الذي يُرِيدُ الإِقْدَامَ عَلَى الزَّوَاجِ الثَّانِي أَنْ يَدْرُسَ حَالَهُ جَيِّدَاً وَمُسْتَقْبَلَهُ وَمُسْتَقْبَلَ أَوْلَادِهِ مِنَ الأُولَى، ذَلِكَ أَنَّ الزَّمَنَ قَدْ تَغَيَّرَ، وَنِسَاءُ اليَوْمِ لَيْسَتْ كَنِسَاءِ الأَمْسِ، فَمُجَرَّدُ زَوَاجِ الرَّجُلِ بِثَانِيَةٍ يَعْنِي نِهَايَةَ العَلَاقَةِ بِالأُولَى حَتَّى وَلَوْ عَدَلَ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ لِجَهْلِ النِّسَاءِ اليَوْمَ بِفِقْهِ التَّعَدُّدِ، وَعَدَمِ تَحَمُّلِهَا لِهَذَا الزَّوَاجِ، وَلِذَا تَبْدَأُ المَشَاكِلُ وَلَا تَنْتَهِي إِلَّا بِوَاحِدٍ مِنِ اثْنَيْنِ، إِمَّا بِالطَّلَاقِ، أَو بِفِرَاقٍ وَمَشَاكِلَ، وَتَكُونُ الضَّحِيَّةُ هُيَ الأَوْلَادُ، وَيَكُونُ الرَّجُلُ قَدْ ضَحَّى بِنِتَاجٍ قَضَى فِيهِ فَتْرَةً طَوِيلَةً لِنُمُوِّهِ وَنَشْأَتِهِ، وَهُمُ الأَوْلَادُ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
716 مشاهدة