أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

4210 - أفسدت أمها عليها حياتها

29-08-2011 14586 مشاهدة
 السؤال :
قد أكرمني الله عز وجل بزوجة صالحة في ظاهر الأمر، ولكن أمها بقيت عليها في التوجيه السيئ حتى أفسدت عليها حياتها معي، وهي الآن تطلب مني الطلاق، فهل تستحقُّ شيئاً من مهرها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4210
 2011-08-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: إن إفساد الحياة الزوجية من مهمة الشيطان، إن كان من الإنس وإن كان من الجن، وهو من الكبائر، فمن قام بهذا الفعل من البشر فهو في الحقيقة يقوم بعمل إبليس وجنوده، كما قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ) رواه مسلم.

وهو ـ يعني الإفساد بين الزوجين ـ من عمل السحرة، قال تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}، وهو ليس من هدي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ) رواه أبو داود، خبَّب: يعني خدع وأفسد المرأة على زوجها.

ثانياً: يجب على المرأة أن تُخضِع حياتها الزوجية لميزان الشرع الشريف، وأن تذكر قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ}، ويجب عليها أن لا تسمع إلى الوشايات والأخبار، وإن كان ولا بد، فلا بدَّ لها من امتثال أمر الله تعالى حيث يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين}.

ثالثاً: يجب على المرأة أن تذكر قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي.

وبناء على ذلك:

فإن كانت زوجتك تطلب منك الطلاق لما ترى منك من سوء عشرة وسبٍّ وشتم وضرب وإيذاء وإهانة، وذكَّرتْكَ بالله تعالى وصبرتْ عليك ولم ترتدع أنت عن ذلك، فمن حقِّها أن تطلب الطلاق، وتستحق بذلك المهر كاملاً مع نفقة العدة، وتكون آثماً أنت بسبب سوء عشرتك.

وأما إذا كانت أمها السبب في إفساد حياتها الزوجية بينكما، وكنت أنت صابراً حليماً حكيماً ملتزماً بقوله تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً}، وملتزماً بقوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا}، فإذا لم تفلح هذه الأساليب مع زوجتك في ردِّها إلى جادة الصواب، والابتعادِ عن أمها التي خببت عليك زوجتك، فلا مانع من أن تضيق على زوجتك حتى تفتدي نفسها منك، وتصطلح معك على التنازل عن شيء من مهرها. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
14586 مشاهدة