أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

3358 - هل قرينة الجن موجودة؟ وكيف التخلص منها؟

09-10-2010 138551 مشاهدة
 السؤال :
هل قرينة الجن موجودة أم هي من إبداع المشعوذين والجهال؟ وهل يمكن حبس القرينة أو الجن والشياطين ضمن قوارير أو علب؟ وإذا كانت القرينة موجودة فما هي طرق التخلص منها؟ وما حكم الإيمان بوجودها أو عدم وجودها؟ وما حكم الذهاب إلى المشعوذين أو الدجالين وتصديقهم فيما يقولون؟ وما حكم ارتداء التمائم (الحجابات)؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 3358
 2010-10-09

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالقرين من الجن موجود، ولا مجال لنكرانه، وذلك لقوله تعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِين}. وقال تعالى: {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيد}.

وروى الإمام مسلم عن عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلاً قَالَتْ: فَغِرْتُ عَلَيْهِ، فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ فَقَالَ: مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ؟ أَغِرْتِ، فَقُلْتُ: وَمَا لِي لا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ مَعِيَ شَيْطَانٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ).

والإيمان بوجود عالم الجن فرضٌ على المسلم؛ لأنه ثبت وجوده في القرآن الكريم وفي السنة المطهَّرة، وانعقد الإجماع على ذلك، فمن أنكر وجودهم ـ والقرين منهم ـ كافر لإنكاره ما عُلم من الدين بالضرورة.

وللجن قدرة على التطور والتشكُّل في صور الإنس والبهائم، فيتصوَّرون في صور الحيات والعقارب والإبل والبقر والحمير والبغال وفي صور بني آدم، ويقول العلامة ابن عابدين: تشكُّلهم ثابت بالأحاديث والآثار والحكايات الكثيرة. اهـ.

ومن خصائصهم أنهم يرون الأنس ولا يراهم الإنس إلا نادراً، قال تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُون}.

وبناء على ذلك:

فالقرين موجود، والإيمان بوجوده فرض، وإذا تشكَّل الجنيُّ فربما أن يقبض عليه الإنسان ويحبسه، ولا يمكن للبشر إزالة هذا العالم من الجن ـ والقرين منهم ـ لأنهم مخلوقون لله عز وجل، ويجب أن يعلم المسلم بأنه لا سلطان لهم على الإنسان إلا لمن تولاهم، قال تعالى: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُون}.

وأما طريقة الوقاية من القرين فتكون:

أولاً: بالاستعاذة منه، قال تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم}.

ثانياً: قراءة المعوذتين، روى الترمذي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْ الْجَانِّ وَعَيْنِ الإِنْسَانِ، حَتَّى نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ، فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا).

ثالثاً: قراءة آية الكرسي.

رابعاً: قراءة سورة البقرة للحديث الشريف عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنْ البَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ).

خامساً: قراءة خاتمة سورة البقرة، للحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ قَرَأَ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ).

وعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، أَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ البَقَرَةِ، وَلا يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلاثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ) رواه الترمذي.

سادساً: قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، للحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِئَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِئَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ).

وأما الذهاب إلى المشعوذين والدجّالين فحرام شرعاً، وذلك لقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) رواه الإمام مسلم عَنْ صَفِيَّةَ رضي الله عنها.

وفي رواية عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رواه الإمام أحمد وغيره.

أما بالنسبة للتمائم ـ الحجابات ـ فلا خلاف بين الفقهاء في عدم جواز التميمة إذا كان فيها اسم لا يُعرف معناه، لأن ما لا يُفهم لا يُؤمن أن يكون فيه شيء من الشرك، ولأنه لا دافع إلا الله، ولا يُطلب دفع المؤذيات إلا بالله تعالى وأسمائه.

أما إذا كانت تميمة لا تشمل إلا على شيء من القرآن الكريم والأدعية المأثورة، فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى جوازها. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
138551 مشاهدة