أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

231 - عقوبة القاتل عمداً وهل له توبة؟

02-05-2007 436 مشاهدة
 السؤال :
رجل قتل آخر عمداً، فهل هو خالد في النار أم لا؟ فإن كان الجواب خالداً في النار فكيف نوفق بين هذا وقوله تعالى: {قُلْ يا عِبَادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلَى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53].؟ وإن كان الجواب ليس خالداً في النار، فكيف نوفق بين هذا وقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93]؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 231
 2007-05-02

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَتْلُ المُؤْمِنِ عَمْدَاً وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ وَمَعْصِيَةٌ مِنْ أَعْظَمِ المَعَاصِي، وَلَكِنَّ الدَّلَائِلَ مُتَضَافِرَةٌ عَلَى أَنَّ قَاتِلَ العَمْدِ إِنْ تَابَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَخْلُدُ في النَّارِ.

وَمِنْ شُرُوطِ التَّوْبَةِ تَمْكِينُ نَفْسِهِ للقَضَاءِ بِإِقَامَةِ حَدِّ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ، أَو بِعَفْوِ الوَرَثَةِ عَنْهُ.

وَاللهُ تعالى يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ، وَلَو كَانَتِ المَعْصِيَةُ كَبِيرَةً مِنَ الكَبَائِرِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾. وَلِقَوْلِهِ تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعَاً﴾. وَلِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهَاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامَاً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانَاً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلَاً صَالِحَاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورَاً رَحِيمَاً﴾.

فَإِذَا تَابَ قَاتِلُ العَمْدِ إلى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحَاً، وَكَمَا قُلْنَا مَكَّنَ نَفْسَهُ للقِصَاصِ، أَو حَصَلَ عَلَى العَفْوِ بِالمُصَالَحَةِ مَعَ وَرَثَةِ المَقْتُولِ، وَأَكْثَرَ مِنَ العَمَلِ الصَّالِحِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَالمَرْجُوُّ مِنَ اللهِ تعالى أَنْ يُبَدِّلَ اللهُ سَيِّئَاتِهِ حَسَنَاتٍ، وَهَذَا مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الأُمَّةِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنَاً مُتَعَمِّدَاً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدَاً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابَاً عَظِيمَاً﴾.

فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى المُكْثِ الطَّوِيلِ في نَارِ جَهَنَّمَ وَالعِيَاذُ بِالِله تعالى، أَو هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنِ اسْتَحَلَّ مَا حَرَّمَ اللهُ تعالى أَلَا وَهُوَ القَتْلُ بِغَيْرِ حَقٍّ، لِأَنَّ اسْتِحْلَالَ الحَرَامِ كُفْرٌ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى.

وَهُنَاكَ فَارِقٌ بَيْنَ ارْتِكَابِ الكَبِيرَةِ مَعَ الاعْتِقَادِ بِحُرْمَتِهَا، وَبَيْنَ ارْتِكَابِهَا مَعَ الاعْتِقَادِ بِحِلِّهَا وَالعِيَاذُ بِاللهِ، فَإِنِ ارْتَكَبَ جَرِيمَةَ القَتْلِ مَعَ الاعْتِقَادِ بِحِلِّ ذَلِكَ فَقَدْ كَفَرَ وَالعِيَاذُ بِاللهِ، وَإِلَّا فَهُوَ فَاسِقٌ، وَلَا يَكُونُ مِنَ الخَالِدِينَ في النَّارِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
436 مشاهدة
الملف المرفق