أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8456 - عقد نكاح شاهده رب العالمين

04-11-2017 238 مشاهدة
 السؤال :
ما حكم عقد الزواج بين رجل وامرأة بدون شهود، واكتفيا بقولهما: الله خير الشاهدين؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8456
 2017-11-04

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

 فَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ بِأَنَّ اللّٰهَ تعالى هُوَ خَيْرُ الشَّاهِدِينَ عَلَى جَمِيعِ أَقْوَالِ وَأَفْعَالِ العِبَادِ، وَلَكِنَّ اللّٰهَ تعالى الذي هُوَ خَيْرُ الشَّاهِدِينَ يَقُولُ في كِتَابِهِ العَظِيمِ: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾. وَيَقُولُ: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾. وَيَقُولُ: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾. هذا أولاً.

ثانياً: اللّٰهُ تعالى خَيْرُ الشَّاهِدِينَ أَمَرَنَا بِامْتِثَالِ أَمْرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّٰهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾. وَبِقَوْلِهِ: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّٰهَ﴾. وَحَذَّرَنَا مِنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ، فَقَالَ: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. وَقَالَ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللّٰهُ وَرَسُولُهُ أَمْرَاً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللّٰهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالَاً مُبِينَاً﴾.

وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» رواه ابْنُ حِبَّانَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهَا.

وبناء على ذلك:

فَالإِشْهَادُ عَلَى عَقْدِ الزَّوَاجِ هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ عَقْدِ الزَّوَاجِ، وَهُوَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ عَقْدِ الزَّوَاجِ، وَهُوَ وَاجِبٌ مِنْ وَاجِبَاتِ صِحَّةِ عَقْدِ الزَّوَاجِ، وَذَلِكَ احْتِيَاطَاً للأَبْضَاعِ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ غَيْرِ المُتَعَاقِدَيْنِ، وَهُوَ الوَلَدُ، فَاشْتُرِطَتِ الشَّهَادَةُ فِيهِ لِئَلَّا يَجْحَدَهُ أَبُوهُ فَيَضِيعَ النَّسَبُ، وَلِأَنَّ الحَاجَةَ مَاسَّةٌ إلى دَفْعِ تُهْمَةِ الزِّنَا عَنِ الزَّوْجَةِ بَعْدَ النِّكَاحِ وَالدُّخُولِ، وَلَا تَنْدَفِعُ إِلَّا بِالشُّهُودِ.

فَإِذَا تَمَّ عَقْدُ الزَّوَاجِ بِدُونِ شُهُودٍ مِنَ البَشَرِ فَهُوَ عَقْدٌ فاسِدٌ، وَيَجِبُ فَسْخُ هَذِهِ العَلَاقَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ. وَاكْتَفَا المَالِكِيَّةُ بِإِشْهَارِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ.

وَقَوْلُهُمَا: اللّٰهُ خَيْرُ الشَّاهِدِينَ هُوَ تَحْصِيلُ حَاصِلٍ، لِأَنَّ رَبَّنَا عَزَّ وَجَلَّ شَاهِدٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ﴿لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾. هذا، واللّٰه تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
238 مشاهدة
الملف المرفق