أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

4677 - هل تقبل توبة من سبَّ النبي   ؟

18-12-2011 29458 مشاهدة
 السؤال :
هل تقبل توبة من سبَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بدون إقامة الحدِّ عليه؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4677
 2011-12-18

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: الزِّنا كبيرةٌ من الكبائرِ، ومن استَحَلَّهُ فقد كَفَرَ، قال تعالى: ﴿وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً﴾.

والزِّنا من المرأةِ المتزوِّجةِ أو الرَّجلِ المتزوِّجِ أشدُّ فُحشاً وقُبحاً، لأنَّهما تَرَكَا الحلالَ وأَقبَلَا على الحرامِ، والأشدُّ من ذلك إذا كان الزِّنا بِحَليلةِ الجارِ، كما روى الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: (سَأَلْتُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللهِ أَكْبَرُ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ للهِ نِدَّاً وَهُوَ خَلَقَكَ»، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ»، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ»).

ثانياً: أَمَرَ اللهُ تعالى عبادَهُ بالتَّوبةِ الصَّادقةِ النَّصوحِ، قال تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون﴾. وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً﴾. والتَّوبةُ النَّصوحُ تكونُ بالإقلاعِ عن الذَّنبِ مباشرةً، وبالنَّدمِ على ما فَعَلَ، وبالجزمِ على أن لا يعودَ.

ثالثاً: يجبُ على المؤمنِ أن لا يَهتكَ سِترَ اللهِ تعالى عنه إذا سَتَرَهُ اللهُ تعالى، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام مالك في الموطأ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ القَاذُورَاتِ شَيْئاً، فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللهِ». وروى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلانُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ».

وبناء على ذلك:

 فإذا صَدَقَت هذه المرأةُ في تَوبَتِها للهِ تعالى، وحَقَّقت شُروطَ التَّوبةِ، فلا تُخبر زَوجَها بذلك، فضلاً عن طَلَبِ الطَّلاقِ منه، ولا تَتَحَدَّث بذلك لأحدٍ من الخلقِ، ولتُكثِر من الأعمالِ الصَّالحةِ، قال تعالى: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ﴾. ولتَحذَر من وَسوَسَةِ الشَّيطانِ حتى لا تعودَ إلى الذَّنبِ ثانيةً خَشيةَ أن يُفاجِئها الموتُ، أو يفضَحَها اللهُ تعالى ـ لا قدَّرَ الله ـ وبذلك تكونُ الخسارةُ الكُبرى. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
29458 مشاهدة