أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8605 - الفارق بين توحيد الألوهية والربوبية

10-01-2018 15290 مشاهدة
 السؤال :
ما هو الفارق بين توحيد الألوهية والربوبية؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8605
 2018-01-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالتَّوْحِيدُ الذي جَاءَ بِهِ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ مِنْ زَمَنِ سَيِّدِنَا آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلى زَمَنِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، هُوَ أَنْ يَعْتَقِدَ الإِنْسَانُ المُؤْمِنُ بِأَنَّ اللهَ تعالى وَاحِدٌ في ذَاتِهِ، وَوَاحِدٌ في صِفاتِهِ، وَوَاحِدٌ في أَفْعَالِهِ.

وَمَنْ أَيْقَنَ هَذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ العِبَادَةَ إِلَّا هُوَ تَبَارَكَ وتعالى.

وَتَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ، وَتَوْحِيدُ الأُلُوهِيَّةِ مُتَلَازِمَانِ، فَمَنْ وَحَّدَ الرُّبُوبِيَّةَ وَحَّدَ الأُلُوهِيَّةَ، وَمَنْ أَشْرَكَ في أَحَدِهِمَا أَشْرَكَ في الآخَرِ، فَلَا رَبَّ إِلَّا اللهُ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. هذا أولاً.

ثانياً: دَعْوَةُ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ دَعْوَةٌ إلى التَّوْحِيدِ، بِدُونِ تَفْرِيقٍ بَيْنَ تَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ، وَتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، لِشِدَّةِ التَّلَازُمِ بَيْنَهُمَا، وَلَا أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾؟ وَلَمْ يَقُلْ: أَلَسْتُ بإِلَهِكُمْ؟

وَقَدْ جَعَلَ اللهُ تعالى حُجَّةً عَلَى مَنْ أَشْرَكُوا بِهِ في العِبَادَةِ، فَقَالَ تعالى: ﴿أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ المُبْطِلُونَ﴾.

فَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ في أَنَّ أَخْذَ العَهْدِ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ هُوَ أَخْذُ العَهْدِ بِتَوْحِيدِ العِبَادَةِ للهِ تعالى، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ مِنْ زَمَنِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى يَوْمِنَا هَذَا.

ثالثاً: جَاءَ في الحَدِيثِ الذي رواه الإمام أحمد عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ، فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللهُ».

فَهَلِ المَلَكَانِ يَسْأَلَانِ: مَنْ إِلَهُكَ؟ سَأَلَاهُ مَنْ رَبُّكَ؟ فَأَجَابَهُمَا: اللهُ رَبِّي.

هَلْ يَقُولُ لَهُ المَلَكَانِ: هَذَا تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ، فَأَيْنَ تَوْحِيدُ الأُلُوهِيَّةِ، فَتَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ لَا يُنْجِيكَ؟

وبناء على ذلك:

فَتَوْحِيدُ الأُلُوهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ مُتَلَازِمَانِ، لَايَنْفَكَّانِ، فَمَنْ وَحَّدَ الرُّبُوبِيَّةَ وَحَّدَ الأُلُوهِيَّةَ، وَمَنْ وَحَّدَ الأُلُوهِيَّةَ وَحَّدَ الرُّبُوبِيَّةَ، وَلَمْ يَثْبُتْ في كِتَابٍ وَلَا في سُنَّةٍ تَفْرِيقٌ بَيْنَهُمَا.

وَلَكِنْ في الآوِنَةِ الأَخِيرَةِ ظَهَرَتْ فِئَةٌ مِنَ النَّاسِ فَرَّقُوا بَيْنَ تَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ، وَتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، لِيُكَفِّرُوا بَعْضَ المُسْلِمِينَ مِمَّنْ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَذَلِكَ إِذَا تَوَسَّلُوا إلى اللهِ تعالى بِالأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ وَالأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
15290 مشاهدة