أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

49 - صلاة التراويح عشرين ركعة في جماعة

07-05-2007 28459 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح أن جمع الناس على صلاة التراويح عشرين ركعة ليس من السنة بل هي بدعة ما أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 49
 2007-05-07

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فَاتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى سُنِّيَّةِ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ، وَهِيَ سُنَّةٌ للرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَهِيَ مِنْ أَعْلَامِ الدِّينِ الظَّاهِرَةِ.

وَقَدْ رَغَّبَ فِيهَا رَسُـولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَرَضَ صِيَامَ رَمَضَانَ عَلَيْكُمْ، وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ». أخرجه النسائي.

وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فِيهِ بِعَزِيمَةٍ ـ أَيْ: لَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ أَمْرَ تَحْتِيمٍ وَإِلْزَامٍ، بَلْ أَمْرَ نَدْبٍ وَتَرْغِيبٍ فِيهِ، بِذِكْرِ فَضْلِهِ ـ فَيَقُولُ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانَاً وَاحْتِسَابَاً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». أخرجه البخاري.

وَاتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ هِيَ المُرَادَةُ بِالحَدِيثِ الشَّرِيفِ.

وَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ في بَعْضِ اللَّيَالِي وَلَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهَا، وَبَيَّنَ العُذْرَ في تَرْكِ المُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا، وَهُوَ خَشْيَةَ أَنْ تُكْتَبَ فَيَعْجِزُوا عَنْهَا، فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صَلَّى في المَسْجِدِ، فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ». وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ.

فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ. متفق عليه.

وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قُمْنَا مَعَهُ لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ قُمْنَا مَعَهُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ لَا نُدْرِكَ الْفَلَاحَ، وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ السُّحُورَ. أخرجه النسائي.

وَقَدْ وَاظَبَ الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالمُسْلِمُونَ مِنْ زَمَنِ سَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ جَمَاعَةً إلى يَوْمِنَا هَذَا، وَكَانَ سَـيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ هُوَ الذي جَمَعَ النَّاسَ فِيهَا عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ.

وَقَدْ أَخْرَجَ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ القَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلاَتِهِ الرَّهْطُ.

فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ، لَكَانَ أَمْثَلَ.

ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.

ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ.

قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ البِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ ـ يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ، وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ ـ.

وَسَأَلَ أَبُو يُوسُفَ الإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ التَّرَاوِيحِ وَمَا فَعَلَهُ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ: التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَلَمْ يَتَخَرَّصْ ـ أَيْ لَمْ يَفْتُرْ ـ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مُبْتَدِعَاً، وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ إِلَّا عَنْ أَصْلٍ لَدَيْهِ، وَعَهْدٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَقَدْ سَنَّ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ هَذَا، وَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَصَلَّاهَا جَمَاعَةً وَالصَّحَابَةُ مُتَوَافِرُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَمَا رَدَّ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، بَلْ سَاعَدُوهُ وَوَافَقُوهُ وَأَمَرُوا بِذَلِكَ. [فتح القدير].

وَذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ مِنَ الحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ المَالِكِيَّةِ إلى أَنَّ التَّرَاوِيحَ عِشْرُونَ رَكْعَةً، لِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ والبيهقي عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ مِنْ قِيَامِ النَّاسِ في زَمَانِ سَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً، وَجَمَعَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ النَّاسَ عَلَى هَذَا العَدَدِ مِنَ الرَّكَعَاتِ جَمْعَاً مُسْتَمِرَّاً.

وَقَالَ الكَاسَانِيُّ: جَمَعَ عُمَرُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَصَلَّى بِهِمْ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ، فَيَكُونُ إِجْمَاعَاً مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ. [بدائع الصنائع]. وَفِعْلُ سَيِّدِنَا عُمَرَ مِنْ جَمْعِ النَّاسِ. رواه البخاري.

وَهَذَا مَا عَلَيْهِ النَّاسُ إلى زَمَانِنَا هَذَا.

وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ». أخرجه أبو داود والترمذي.

وَأَخِيرَاً أَقُولُ: أَلَا يُشَرِّفُنا أَنْ نَلْتَزِمَ بِمَا الْتَزَمَ بِهِ سَلَفُنَا الصَّالِحُ مِنْ زَمَنِ سَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إلى يَوْمِنَا هَذَا؟ وَهَذَا مَا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالقَبُولِ، أَلَا يَسَعُنَا مَا وَسِعَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ، وَتَابِعَ التَّابِعِينَ إلى يَوْمِنَا هَذَا؟ الحَمْدُ للهِ الذي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
28459 مشاهدة