أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8225 - الزانية من القردة ترجم؟

20-07-2017 2096 مشاهدة
 السؤال :
هناك من يطعن في صحيح الإمام البخاري، ويستدل مستهزئاً، بحديث رواه في صحيحه، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ، قَدْ زَنَتْ، فَرَجَمُوهَا، فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ. فما رأيكم في ذلك؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8225
 2017-07-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: هَذِهِ الحَادِثَةُ ذَكَرَهَا الإِمَامُ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في صَحِيحِهِ في بَابِ أَيَّامِ الجَاهِلِيَّةِ، يَذْكُرُ في هَذَا البَابِ بَعْضَ أَحَادِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبَعْضَ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ، وَبَعْضَ أَقْوَالِ التَّابِعِينَ.

وَهَذِهِ القِصَّةُ ذَكَرَهَا الإِمَامُ رَحِمَهُ اللهُ تعالى عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، الذي أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ وَزَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ.

ثانياً: هَذِهِ القِصَّةُ لَمْ يَذْكُرْهَا الإِمَامُ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى أَنَّهَا مِنْ كَلَامِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَا مِنْ كَلَامِ أَحَدِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، إِنَّمَا رَوَاهَا حِكَايَةً عَمَّا شَاهَدَهُ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، وَهَذَا الحَدِيثُ الذي رَوَاهُ عَمْرٌو لَا يَرْتَقِي إلى مَنْزِلَةِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ؛ فَأَيْنَ تَكْمُنُ الغَرَابَةُ؟ وَلِمَاذَا الإِنْكَارُ عَلَى صَحِيحِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ؟

ثالثاً: وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَ عُلَمَاءِ الأَحْيَاءِ المُتَخَصِّصِينَ في عَالَمِ الحَيَوَانَاتِ، أَنَّ البَهَائِمَ قَدْ تَتَعَادَى عَلَى بَعْضِهَا، وَقَدْ يَثِبُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَيُعَاقِبُ بَعْضُهَا بَعْضَاً، وَثَبَتَ عِنْدَهُمْ أَنَّ القُرُودَ أَزْنَى البَهَائِمِ.

وَمَنِ اطَّلَعَ عَلَى عَالَمِ البَهَائِمِ، فَإِنَّهُ يَرَى مِنَ العَجَائِبِ وَالبَدَائِعِ فِيهَا مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللهُ تعالى، وَكَانَ العَرَبُ قَدِيمَاً يَقُولُونَ: لَيْسَ شَيْءٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ الزَّوَاجُ وَالغَيْرَةُ إِلَّا الإِنْسَانُ وَالقِرْدُ.

وَمَنِ اطَّلَعَ اليَوْمَ عَلَى شَاشَاتِ التِّلْفَازِ وَمَا يَبُثُّ عَنْ عَالَمِ الحَيَوَانِ لَرَأَى أَمْرَاً عَجِيبَاً، لَوْ نُقِلَ إِلَيْهِ نَظَرِيَّاً لَمَا صَدَّقَهُ.

وبناء على ذلك:

فَهَذَا الذي يَسْتَهْزِئُ بِصَحِيحِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى، وَيَذْكُرُ هَذِهِ القِصَّةَ مِنْ أَجْلِ الطَّعْنِ في صَحِيحِ الإِمَامِ هُوَ في الحَقِيقَةِ إِنْسَانٌ حَاقِدٌ عَلَى دِينِ اللهِ تعالى، يُرِيدُ التَّشْكِيكَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ، مِنْ أَجْلِ إِبْعَادِ الأُمَّةِ عَنْ دِينِ اللهِ تعالى سُلُوكَاً وَعَمَلَاً.

القِصَّةُ ذَكَرَهَا الإِمَامُ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى عَنْ رَجُلٍ مِنَ التَّابِعِينَ، عَاشَ في الجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلَامِ، وَتَحَدَّثَ عَمَّا رَآهُ في الجَاهِلِيَّةِ، وَالإِمَامُ يَتَحَدَّثُ في صَحِيحِهِ عَنْ أَعْمَالِ الجَاهِلِيَّةِ، ذَكَرَ فِيهَا أَحَادِيثَ، وَأَقْوَالَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَأَيْنَ تَكْمُنُ المُشْكِلَةُ؟ وَعَالَمُ الحَيَوَانِ فِيهِ مِنَ العَجَائِبِ مَا يُذْهِلُ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2096 مشاهدة