أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6894 - {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ}

15-05-2015 2917 مشاهدة
 السؤال :
ما هو المقصود من قوله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا}؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6894
 2015-05-15

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد كَانَ حَدُّ الزِّنَى في بِدْءِ الأَمْرِ الحَبْسَ والإِمْسَاكَ في البُيُوتِ، قَالَ تعالى: ﴿وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً * وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ تَوَّابَاً رَحِيمَاً﴾.

وبَعدَ ذلكَ أَجْمَعَ الفُقَهَاءُ على أَنَّ الحَبْسَ للزَّانِي والزَّانِيَةِ صَارَ مَنْسُوخَاً بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ باللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

وبِمَا روى الإمام مسلم عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ، وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ، وَالرَّجْمُ».

واتَّفَقَ الفُقَهَاءُ على أَنَّ حَدَّ الزَّانِي المُحْصَنِ الرَّجْمُ حَتَّى المَوْتِ، رَجُلاً كَانَ أو امرَأَةً، كَمَا اتَّفَقُوا على أَنَّ حَدَّ الزَّانِي غَيْرِ المُحْصَنِ رَجُلاً كَانَ أو امرَأَةً مائَةُ جَلْدَةٍ إِنْ كَانَ حُرَّاً.

أَمَّا قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا﴾. فقد اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ في الأَذَى هَل هوَ مَنْسُوخٌ أم لا؟ فَذَهَبَ البَعْضُ إلى نَسْخِهِ بِآيَةٍ في سُورَةِ  النُّورِ، والبَعْضُ ذَهَبَ إلى أَنَّهُ لَيسَ بِمَنْسُوخٍ، فالأَذَى والتَّوْبِيخُ بِاقٍ مَعَ الحَدِّ، لأَنَّهُ من الوَاجِبِ أَنْ يَؤَدَّبَا بالتَّوْبِيخِ، فَيُقَالُ لَهُمَا: فَجَرْتُمَا، فَسَقْتُمَا، خَالَفْتُمَا أَمْرَ اللهِ عزَّ وجلَّ.

وبناء على ذلك:

فقد كَانَ حَدُّ الزِّنَى الحَبْسَ والإِيذَاءَ بالقَوْلِ، ثمَّ بَعدَ ذلكَ نُسِخَ حَدُّ الحَبْسِ بالرَّجْمِ للمُحْصَنِ، وبالجَلْدِ لِغَيْرِ المُحْصَنِ.

 

وأَمَّا حَدُّ الإِيذَاءِ، فالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَيسَ بِمَنْسُوخٍ، واللهُ تعالى أَعْلَمُ، لأَنَّهُ لا يَتَعَارَضُ مَعَ إِقَامَةِ الحَدِّ. هذا، واللهُ تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2917 مشاهدة