أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7104 - ﴿مَكَانَاً شَرْقِيَّاً﴾

04-12-2015 2188 مشاهدة
 السؤال :
يقول الله تعالى في حق السيدة مريم عليها السلام: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانَاً شَرْقِيَّاً﴾ لماذا اتخذت هذا المكان؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7104
 2015-12-04

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانَاً شَرْقِيَّاً﴾. يَعْنِي ابْتَعَدَتْ عَنْهُم، لِأَنَّ أُنسَهَا كَانَ بِرَبِّهَا عزَّ وجلَّ، لا بِأَهْلِهَا، فَتَرَكَتْ أَحَبَّ وَأَقْرَبَ النَّاسِ إِلَيْهَا وَذَهَبَتْ إلى ذَلِكَ المَكَانِ لِتَتَفَرَّغَ للعِبَادَةِ.

واخْتَارَتِ الجِهَةَ الشَّرْقِيَّةَ من بَيْتِ المَقْدِسِ بالذَّاتِ دُونَ غَيْرِهَا من الجِهَاتِ، لِأَنَّهُم كَانُوا يَتَفَاءَلُونَ بِشُرُوقِ الشَّمْسِ، لِأَنَّهَا سِمَةُ النُّورِ المَادِّيِّ الذي يَسِيرُ النَّاسُ على هُدَاهُ فلا يَتَعَثَّرُونَ.

وَلِلإِنْسَانِ في سَيْرِهِ نُورَانِ، نُورٌ مَادِّيٌّ من الشَّمْسِ أَو القَمَرِ أَو النُّجُومِ أو المَصَابِيحِ، وَهُوَ النُّورُ الذي يُظْهِرُ لَهُ الأَشْيَاءَ من حَوْلِهِ، فلا يَصْطَدِمُ بِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَكَذَلِكَ لَهُ نُورٌ من مَنْهَجِ اللهِ تعالى يَهْدِيهِ إلى مَسَائِلِ القِيَمِ والأَخْلاقِ، حَتَّى لا يَتَخَبَّطَ تَائِهَاً بَيْنَ دُرُوبِهَا.

وبناء على ذلك:

فَقَد اخْتَارَتِ السَّيِّدَةُ مَرْيَمُ عَلَيْهَا السَّلامُ المَكَانَ الشَّرْقِيَّ من بَيْتِ المَقْدِسِ تَفَاؤُلاً بِشُرُوقِ الشَّمْسِ، وَطَمَعَاً في نَيْلِ النُّورِ المَعْنَوِيِّ مَعَ النُّورِ الحِسِّيِّ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2188 مشاهدة