أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

357 - ما هو علاج الغضب؟

02-06-2007 379 مشاهدة
 السؤال :
بسم الله الرحمن الرحيم وبعد: ماهو الحل الشافي والوافي للمريض بداء العصبية، أفيدونا جزاكم الله كل خير
 الاجابة :
رقم الفتوى : 357
 2007-06-02

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

بِدَايَةً أَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَأَذْهِبْ غَيْظَ قَلْبِي، وَأَجِرْنِي مِنْ مُضِلَّاتِ الفِتَنِ، اللَّهُمَّ كَمَا حَسَّنْتَ خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي.

اعْلَمْ يَا أَخِي بِأَنَّ دَاءَ العَصَبِيَّةِ مِنْ ضِيقِ القَلْبِ، وَضِيقَ القَلْبِ مِنْ قِلَّةِ ذِكْرِ اللهِ تعالى، وَمَنْ قَلَّ ذِكْرُهُ سَاءَتْ أَخْلَاقُهُ، وَمَنْ كَثُرَ ذِكْرُهُ حَسُنَتْ أَخْلَاقُهُ، وَلِذَلِكَ كَانَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللهَ عَلَى سَائِرِ أَحْوَالِهِ، امْتِثَالًا لِأَمْرِ اللهِ تعالى إِذْ يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 41] وَكَانَتْ نَتِيجَةُ الذِّكْرِ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4].

وَتَفَكَّرْ يَا أَخِي بِنَتَائِجِ عَصَبِيَّتِكَ، هَلْ تُرْضِيكَ؟

رُبَّمَا في سَاعَةِ عَصَبِيَّتِكَ تَتَلَفَّظُ لَا قَدَّرَ اللهُ بِكَلِمَةِ الكُفْرِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى، وَاللهُ تعالى يَقُولُ: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾ [المائدة: 5]. أَيُرْضِيكَ أَنْ تَرْتَدَّ عَنِ الإِسْلَامِ وَيَحْبِطَ عَمَلُكَ وَيُفْسَخَ عَقْدُ زَوَاجِكَ إِنْ كُنْتَ مُتَزَوِّجًا؟

رُبَّمَا في سَاعَةِ عَصَبِيَّتِكَ تَتَلَفَّظُ بِكَلِمَةِ الطَّلَاقِ أَو الحَرَامِ بِالثَّلَاثِ أَو أَكْثَرَ فَتَبِينُ مِنْكَ زَوْجَتُكَ بَيْنُونَةً كُبْرَى فَلَا تَحِلُّ لَكَ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرُكَ، أَيُرْضِيكَ هَذَا؟

رُبَّمَا في سَاعَةِ عَصَبِيَّتِكَ تَتَلَفَّظُ بِكَلِمَةِ سَبٍّ أَو شَتْمٍ تُذْهِبُ عَمَلَكَ الصَّالِحَ لِغَيْرِكَ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟».

قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ.

فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ» رواه الإمام مسلم. فَهَلْ يُرْضِيكَ هَذَا؟

رُبَّمَا في سَاعَةِ عَصَبِيَّتِكَ يَنْفِرُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِكَ وَيَكْرَهُونَكَ، هَلْ يُرْضِيكَ هَذَا؟ تَفَكَّرْ مَاذَا قَالَ اللهُ تعالى لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ [آل عمران: 159].

تَفَكَّرْ يَا أَخِي كَمْ يَخْسَرُ صَاحِبُ العَصَبِيَّةِ:

1ـ يَحْرِمُ نَفْسَهُ مِنْ أَعْظَمِ الفَضَائِلِ، أَلَا وَهِيَ اتِّبَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الذي قَالَ لَهُ مَوْلَانَا: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199] وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَنَا: «صِلْ مَنْ قَطَعَكَ، وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ، وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ» رواه أحمد.

2ـ يَحْرِمُ نَفْسَهُ مِنْ صِفَاتِ المُتَّقِينَ الذينَ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.

وَلَعَلَّكَ تَسْمَعُ صِفَاتِ المُتَّقِينَ: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 133 ـ 134].

3ـ يَحْرِمُ نَفْسَهُ مِنْ صِفَاتِ عِبَادِ الرَّحْمَنِ: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان: 63].

لِذَلِكَ أَنْصَحُ نَفْسِي وَالسَّائِلَ وَالقَارِئَ بِمَا يَلِي:

1ـ كَثْرَةُ الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ رَبَّ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَأَذْهِبْ غَيْظَ قَلْبِي، وَأَجِرْنِي مِنْ مُضِلَّاتِ الفِتَنِ.

2ـ كَثْرَةُ ذِكْرِ اللهِ تعالى وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، بَعْدَ تِلَاوَةِ القُرْآنِ الكَرِيمِ.

3ـ في سَاعَةِ العَصَبِيَّةِ وَالغَضَبِ جَدِّدِ الوُضُوءَ وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَادْعُ اللهَ تعالى. لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ» أخرجه أبو داود.

4ـ إِذَا كُنْتَ في سَاعَةِ العَصَبِيَّةِ قَائِمًا فَاجْلِسْ، وَإِنْ كُنْتَ جَالِسًا فَاضْطَجِعْ، لِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا وَإِنَّ الغَضَبَ جَمْرَةٌ فِي قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، أَمَا رَأَيْتُمْ إِلَى حُمْرَةِ عَيْنَيْهِ وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ، فَمَنْ أَحَسَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَلْصَقْ بِالأَرْضِ» أخرجه الترمذي.

ولقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ» رواه أبو داود.

5ـ الاسْتِعَاذَةُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، لِمَا روى مسلم وأحمد عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَغَضِبَ أَحَدُهُمَا حَتَّى أَنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّ أَنْفَهُ لَيَتَمَزَّعُ مِنَ الْغَضَبِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ يَقُولُهَا هَذَا الْغَضْبَانُ لَذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ».

6ـ وَأَخِيرًا أُذَكِّرُكَ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ» رواه البخاري ومسلم. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
379 مشاهدة
الملف المرفق