أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7876 - نصف قبوركم من العيون

19-02-2017 13859 مشاهدة
 السؤال :
ما صحة حديث: إن نصف قبوركم من العيون؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7876
 2017-02-19

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَهَذَا لَيْسَ بِحَدِيثٍ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَا تَجْوزُ رِوَايَتُهُ بِرَفْعِهِ إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَلَكِنْ وَرَدَ عِنْدَ الإِمَامِ الطَّبَرَانِيِّ في الكَبِيرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «نِصْفُ مَا يُحْفَرُ لِأُمَّتِي مِنَ الْقُبُورِ مِنَ الْعَيْنِ». ورواه الدَّيْلَمِيُّ كَذَلِكَ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.

وروى أبو نعيم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «العَيْنُ حَقٌّ، تُدْخِلُ الجَمَلَ القِدْرَ، وَالرَّجُلَ القَبْرَ». وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.

وبناء على ذلك:

فَالحَدِيثُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، بَلْ هُوَ مَوْضُوعٌ، وَمَا ذُكِرَ مِنَ الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِأَنَّ العَيْنَ تُدْخِلُ القَبْرَ فَهِيَ ضَعِيفَةٌ، وَأَمَّا الصَّحِيحُ مِنَ الأَحَادِيثِ في العَيْنِ، مَا رواه الإمام مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ».

وَمَا رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «العَيْنُ حَقٌّ» وَنَهَى عَنِ الوَشْمِ.

وَمِمَّا يَدْفَعُ ضَرَرَ العَيْنِ الدُّعَاءُ بِالبَرَكَةِ، روى الإمام الحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: خَرَجَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَمَعَهُ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ يُرِيدَانِ الْغُسْلَ فَانْتَهَيَا إِلَى غَدِيرٍ (هُوَ القِطْعَةُ مِنَ المَاءِ يُغَادِرُهُ السَّيْلُ) فَخَرَجَ سَهْلُ يُرِيدُ الْخَمْرَ ـ قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي بِهِ السِّتْرَ ـ حَتَّى إِذَا رَأَى أَنَّهُ قَدْ نَزَعَ جُبَّةً عَلَيْهِ مِنْ صُوفٍ، فَوَضَعَهَا ثُمَّ دَخَلَ المَاءَ.

قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَأَصَبْتُهُ بِعَيْنَي؛ فَسَمِعْتُ لَهُ قَرْقَفَةً فِي المَاءِ (صَوتُ ارْتِعَادِ الَمبْرُودِ) فَأَتَيْتُهُ فَنَادَيْتُهُ ثَلَاثَاً، فَلَمْ يُجِبْنِي.

فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ؛ فَجَاءَ يَمْشِي فَخَاضَ المَاءَ (دَخَلَهُ) حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ سَاقَيْهِ؛ فَضَرَبَ صَدْرَهُ (يَعْنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ صَدْرَ سَهْلَاً) ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ حَرَّهَا وَبَرْدَهَا وَوَصَبَهَا».

فَقَامَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَخِيهِ مَا يُحِبُّ فلْيُبَرِّكْ، فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ». وَهَذَا دَلِيلٌ على أَنَّ العَيْنَ لَا تَضُرُّ إِذَا بَرَّكَ العَائِنُ.

لِذَا إِذَا أَعْجَبَكَ شَيْءٌ مِنْ نَفْسِكَ أَو أَخِيكَ فَادْعُ بِالبَرَكَةِ، فَإِنَّ الدُّعَاءَ بِالبَرَكَةِ يَـصْرِفُ المَحْذُورَ بِإِذْنِ اللهِ تعالى.

وَالتَّبَرُّكُ أَنْ يَقُولَ: تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ.

وَيُسْتَحَبُّ لِلْعَائِنِ أَنْ يَقُولَ: مَا شَاءَ اللهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
13859 مشاهدة