أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7596 - ﴿وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾

24-09-2016 3218 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قول الله تعالى: ﴿وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفَاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابَاً وَسُرُرَاً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفَاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7596
 2016-09-24

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ الإِمَامُ القُرْطُبُيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: ذَكَرَ حَقَارَةَ الدُّنْيَا وَقِلَّةَ خَطَرِهَا، وَأَنَّهَا عِنْدَهُ مِنَ الهَوَانِ، بِحَيْثُ كَانَ يَجْعَلُ بُيُوتَ الكَفَرَةِ وَدَرَجَهَا ذَهَبَاً وَفِضَّةً لَوْلَا غَلَبَةُ حُبِّ الدُّنْيَا على القُلُوبِ، فَيَحْمِلُ ذَلِكَ على الكُفْرِ.

قَالَ الحَسَنُ: المَعْنَى: لَوْلَا أَنْ يَكْفُرَ النَّاسُ جَمِيعَاً بِسَبَبِ مَيْلِهِمْ إلى الدُّنْيَا وَتَرْكِهِمُ الآخِرَةَ لَأَعْطَيْنَاهُمْ في الدُّنْيَا مَا وَصَفْنَاهُ، لِهَوَانِ الدُّنْيَا عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ وَعَلى هَذَا أَكْثَرُ المُفَسِّرِينَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسدي وَغَيْرُهُم.

وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: ﴿وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾. فِي طَلَبِ الدُّنْيَا وَاخْتِيَارِهَا عَلَى الآخِرَةِ ﴿لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفَاً مِنْ فِضَّةٍ﴾. اهـ.

وبناء على ذلك:

فَمَا يُنْعِمُ بِهِ اللهُ تعالى على الكُفَّارِ مِنْ نِعَمِ الدُّنْيَا لَيْسَتْ مُبَارَكَةً مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى، إِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ لَهُمْ، قَالَ تعالى: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾. وَلَكِنْ وَمَعَ هَذَا لَوْلَا أَنْ يُفْتَنَ النَّاسُ بِدِينِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِضَعْفِهِمْ وَتَأْثِيرِ عَرَضِ الدُّنْيَا في قُلُوبِهِمْ، لَجَعَلَ لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ بُيُوتَاً سُقُفُهَا مِنْ فِضَّةٍ، وَسَلَالِمُهَا مِنْ ذَهَبٍ، وَبُيُوتَاً ذَاتَ أَبْوَابٍ كَثِيرَةٍ، وَقُصُورَاً فِيهَا سُرُرٌ للاتِّكَاءِ، وَفِيهَا زُخْرُفٌ للزِّينَةِ، وَكُلُّ هَذَا رَمْزٌ لِهَوَانِ هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، بِحَيْثُ تُبْذَلُ هَكَذَا رَخِيصَةً لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ ﴿وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3218 مشاهدة