أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8272 - الغنى في النكاح

14-08-2017 91 مشاهدة
 السؤال :
كيف نوفق بين قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْـبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». وبين حديث: الْتَمِسُوا الْغِنَى فِي النِّكَاحِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8272
 2017-08-14

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: الحَدِيثُ الأَوَّلُ رواه الشيخان عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».

أَمَّا الحَدِيثُ الثَّانِي فَلَيْسَ حَدِيثَاً شَرِيفَاً عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، حَيْثُ قَالَ: الْتَمِسُوا الْغِنَى فِي النِّكَاحِ؛ وَتَلا قَوْلَهُ تعالى: ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾.

ثانياً: لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ وَكَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، لِأَنَّ المَقْصُودَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ» أَيْ: القُدْرَةَ عَلَى الجِمَاعِ؛ وَبَعْضُهُمْ قَالَ: القُدْرَةَ عَلَى مُؤَنِ النِّكَاحِ.

وَقَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: الْتَمِسُوا الْغِنَى فِي النِّكَاحِ؛ لَيْسَ المَقْصُودُ بِالغِنَى في كَلَامِهِ، وَفي قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾. غِنَى المَالِ، بَلِ المُرَادُ غِنَى النَّفْسِ، وَهُوَ القَنَاعَةُ، وَهَذَا الغِنَى أَفْضَلُ مِنْ غِنَى المَالِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وبناء على ذلك:

فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ، وَبَيْنَ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

فَالحَدِيثُ يَحُضُّ الشَّبَابَ عَلَى الزَّوَاجِ إِذَا كَانَتْ عِنْدَهُمُ القُدْرَةُ الجَسَدِيَّةُ وَمُؤَنُ النِّكَاحِ، وَمَنْ تَزَوَّجَ عِبَادَةً للهِ تعالى أَغْنَاهُ اللهُ تعالى في نِكَاحِهِ غِنَى النَّفْسِ.

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الوَعْدُ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾. مُقَيَّدُ بِالمَشِيئَةِ، وَحَاشَا لِرَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُخْلِفَ وَعْدَهُ لِمَنْ تَزَوَّجَ وَهُوَ يُرِيدُ إِعْفَافَ نَفْسِهِ، وَلَو كَانَ فَقِيرَاً في المَادَّةِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللهِ عَوْنُهُمْ: المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ العَفَافَ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَقُولُ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَطِيعُوا اللهَ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنَ النِّكَاحِ يُنْجِزْ لَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ مِنَ الْغِنَى. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
91 مشاهدة
الملف المرفق