أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

471 - حكم اجتماع الناس في المساجد ليلة النصف من شعبان

28-07-2008 10 مشاهدة
 السؤال :
ما هو الحكم الشرعي في اجتماع الناس ليلة النصف من شعبان في المساجد، يدعون الله عز وجل، ويقرؤون القرآن، ويصلون، أليس هو بدعة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 471
 2008-07-28

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فماذا تتوقع مني أن أقول لك يا أخي الكريم؟ وأنت تقول: يجتمعون في المساجد يدعون الله عز وجل، ويقرؤون القرآن، ويصلون؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده) رواه مسلم وأبو داود.

وما أجمل الدعاء إذا كان في بيت الله عز وجل، وباجتماع المسلمين مع بعضهم البعض، ولعل أن يكون فيهم عبد صالح مستجاب الدعوة، فيشمل الله الجميع ببركته، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: (وله أيضاً قد غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم) رواه البخاري ومسلم.

وما أجمل المسلمين عندما يجتمعون في بيت من بيوت الله يصلون النوافل بعد الفرائض، وكله من خلال قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} [المائدة: 2].

ماذا تريد يا أخي الحبيب في هذا الظرف الخطير، حيث ترى بيوت الله خاوية إلا في بعض الأوقات؟ ألا تريد أن ترى العبد الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (ورجل قلبه معلق في المساجد) رواه البخاري ومسلم.

نحن بأمس الحاجة يا أخي الحبيب أن نأوي إلى بيوت الله حيث رحمات الله تتنزل، تذكر يا أخي الحديث الشريف: (من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد ليصلي فيه، كان زائر الله، وحق على المزور أن يكرم زائره) رواه ابن أبي شيبة والطبراني عن سيدنا سلمان رضي الله عنه.

نعم يا أخي، هذا الاجتماع بهذا الشكل الذي يفعله المسلمون اليوم في ليلة النصف من شعبان لم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام كانوا يخصونه هذه الليلة بالاجتماع في المسجد، لأن جُلَّ أوقاتهم رضوان الله عليهم كانت في المسجد، وكانوا يغتنمون أمثال هذه الليالي المباركة، ولكن إذا قلنا هذا الاجتماع حرام وجب علينا أن نأتي بدليل يمنع من ذلك.

نحن لا نقول الاجتماع بهذا الشكل ليلة النصف من شعبان من السنة، ولكن نقول: يستحب للعبد أن يحيي هذه الليلة، لما ورد في فضلها من الأحاديث الشريفة. من جملة ذلك:

ما رواه ابن ماجه والإمام أحمد وغيرهما عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن).

وما رواه الطبراني والبيهقي عن أبي ثعلبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يطلع الله إلى عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين ويمهل الكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه).

وما رواه الترمذي عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فخرجت فإذا هو بالبقيع، فقال: أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قلت: يا رسول الله إني ظننت أنك أتيت بعض نسائك. فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب).

وروى ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر). والحديث ضعيف. والحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال.

والاجتماع في بيت الله أمر مندوب إليه، وهو مشمول بقوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}، وبالأحاديث الشريفة التي تحض على الاجتماع لتلاوة القرآن ومدارسته وذكر الله عز وجل وطلب العلم.

يا أخي الحبيب: انظر إلى مفردات هذا اللقاء، ثم ضَعْها في ميزان الشرع، ثم احكم بعد ذلك:

1- هم يصلون الصلاةَ جماعةً، فما رأيك في ذلك؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) رواه البخاري ومسلم.

2- يقرؤون القرآن ويتدارسونه فيما بينهم، فما رأيك في ذلك؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده) رواه مسلم وأبو داود.

3- يتكلم العلماء وطلاب العلم نصحاً وإرشاداً، فما رأيك في ذلك؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ومن سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) رواه مسلم.

4- يذكرون الله تعالى في ملأ من البشر، فما رأيك في ذلك؟ والله عز وجل يقول في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ هم خير منهم) رواه البخاري ومسلم. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمع قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وتغشتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده) رواه الإمام أحمد.

5- يمدحون النبي صلى الله عليه وسلم، فما رأيك في ذلك؟ وقد كان سيدنا حسان بن ثابت رضي الله عنه وغيره من الصحابة يمدحون النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان يُنْكَر عليهم، بل دعا النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا حسان رضي الله عنه فقال: (اللهم أيِّده بروح القُدُس) رواه البخاري ومسلم.

6- يدعون الله عز وجل، فما رأيك في ذلك؟ والله تبارك وتعالى يقول: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} [غافر: 60]. ويقول سبحانه: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان} [البقرة: 286].

7- يتصافحون ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، فما رأيك في ذلك؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا التقى المسلمان فتصافحا وحمدا الله عز وجل واستغفراه غفر لهما) رواه أبو داود.

أسأل الله تعالى أن يجمع شمل المسلمين على ما يحبه ربنا تعالى ويرضاه.

وإن كنت يا أخي صاحب همة عالية، وتستطيع أن تحيي الليل أو جزءاً منه وأنت منفرد، فافعل ذلك، وكن لوحدك في خلوة مع ربك، وأُبشّرك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: ...) وذكر منهم: (ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) رواه البخاري ومسلم. وأرجوك دعوة صالحة بظهر الغيب.

وأما إذا كنت ضعيفاً فتقوَّ بإخوانك على طاعة الله عز وجل، (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) رواه مسلم. والمؤمن ضعيف بنفسه قوي بإخوانه المؤمنين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
10 مشاهدة