أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

9026 - ﴿فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورَاً﴾

09-07-2018 3325 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قول الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورَاً﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9026
 2018-07-09

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالعِبَادَةُ للهِ تعالى يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَبْنِيَّةً عَلَى أَسَاسٍ مِنَ الإِيمَانِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ، وَالعَمَلُ الصَّالِحُ هُوَ مَا جَعَلَهُ الشَّرْعُ صَالِحَاً، مَعَ الإِخْلَاصِ للهِ تعالى فِيهِ، قَالَ تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلَاً صَالِحَاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً﴾.

فَالإِخْلَاصُ للهِ تعالى هُوَ أَسَاسُ كُلِّ العِبَادَاتِ، وَهُوَ مَقْصِدُ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَعَلَيْهِ المَدَارُ يَوْمَ القِيَامَةِ.

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورَاً﴾. إِشَارَةٌ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ، حِينَ يُحَاسِبُ اللهُ تعالى العِبَادَ، فَكُلُّ عَمَلٍ لَمْ يُبْنَ عَلَى الإِيمَانِ وَالمُتَابَعَةِ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَعَ الإِخْلَاصِ، مُعَرَّضٌ لِأَنْ يَجْعَلَهُ اللهُ تعالى هَبَاءً مَنْثُورَاً.

وَقَدْ أَجْمَعَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الرِّيَاءَ في الأَعْمَالِ مُحْبِطٌ للعَمَلِ، فَلَا يُجْزَى عَلَيْهَا العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الـشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلَاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وبناء على ذلك:

فَهَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ مِنْ أَخْوَفِ الآيَاتِ، وَلَهَا أَثَرٌ عَظِيمٌ في نُفُوسِ المُؤْمِنِينَ الأَتْقِيَاءِ، لِذَلِكَ وَصَفَهُمُ اللهُ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾.

لِأَنَّ الإِخْلَاصَ هُوَ سِرُّ العِبَادَاتِ لِقَبُولِهَا عِنْدَ اللهِ تعالى، فَالمُؤْمِنُ يَخَافُ أَنْ يَكُونَ الرِّيَاءُ دَخَلَ عَلَى أَعْمَالِهِ الصَّالِحَةِ فَأَحْبَطَهَا، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدَاً لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3325 مشاهدة