أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

309 - تدخل الرجل فيما لا يعنيه

02-05-2007 317 مشاهدة
 السؤال :
رجل طلق زوجته، فعلم بذلك صديقه فألح عليه أن يعرف سبب هذا الطلاق، مما أدى إلى أن يكذب الرجل على صاحبه، فمن هو الآثم بينهما؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 309
 2007-05-02

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَجِبُ أَوَّلَاً أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ المُطَلِّقَ لَا يُسْأَلُ عَنْ سَبَبِ الطَّلَاقِ عِنْدَ إِقْدَامِهِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لِأَسْبَابٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا:

1ـ حِفْظُ أَسْرَارِ الأُسْرَةِ.

2ـ حِفْظُ كَرَامَةِ الزَّوْجَةِ وَسُمْعَتِهَا.

3ـ العَجْزُ عَنْ إِثْبَاتِ الكَثِيرِ مِنْ تِلْكَ الأَسْبَابِ، لِأَنَّ غَالِبَ أَسْبَابِ الشِّقَاقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ تَكُونُ خَفِيَّةً يَصْعُبُ إِثْبَاتُهَا، فَإِذَا كَلَّفْنَاهُ بِذَلِكَ نَكُونُ كَلَّفْنَاهُ بِمَا يَعْجِزُ عَنْهُ أَو يُحْرِجُهُ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ في الشَّرِيعَةِ الإِسْلَامِيَّةِ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾.

4ـ ثُمَّ إِنَّ في إِقْدَامِ الزَّوْجِ عَلَى الطَّلَاقِ وَتَحَمُّلِهِ الأَعْبَاءَ المَالِيَّةَ المُتَرَتِّبَةَ عَلَيْهِ، مِنْ مَهْرٍ مُعَجَّلٍ وَمُؤَجَّلٍ، وَنَفَقَةٍ وَمُتْعَةٍ، لَقَرِينَةٌ كَافِيَةٌ عَلَى قِيَامِ أَسْبَابٍ مَشْرُوعَةٍ تَدْعُوهُ للطَّلَاقِ.

ثانياً: مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ، وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ تَتَبُّعِ العَوْرَاتِ، وَمَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ فَضَحَهُ وَلَو في جَوْفِ بَيْتِهِ، فَالرَّجُلُ الذي أَلَحَّ عَلَى صَاحِبِهِ لِمَعْرِفَةِ أَسْبَابِ الطَّلَاقِ هُوَ آثِمٌ، وَالزَّوْجُ الذي كَذَبَ هُوَ آثِمٌ كَذَلِكَ إِذَا كَانَ حَدِيثُهُ مُفْتَرَىً عَلَى زَوْجَتِهِ المُطَلَّقَةِ، أَمَّا إِنْ كَانَ كَذِبُهُ لَمْ يَضُرَّ بِزَوْجَتِهِ وَلَكِنْ لِصَرْفِ الحَدِيثِ عَنْ أَسْبَابِ الطَّلَاقِ، نَرْجُو اللهَ تعالى أَنْ يَكُونَ مَعْذُورَاً بَعْدَ اسْتِغْفَارِهِ وَتَوْبَتِهِ.

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يَجِبُ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ شَأْنَ المُسْلِمِ المُلْتَزِمِ أَنْ لَا يُحَدِّثَ أَحَدَاً بِأَسْبَابِ الطَّلَاقِ، لِأَنَّهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ صَارَتِ امِرَأَةً أَجْنَبِيَّةً عَنْهُ، فَيَحْرُمُ الحَدِيثُ عَنْهَا، وَأَمَّا قَبْلَ الطَّلَاقِ فَهِيَ عِرْضُهُ، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِالمُسْلِمِ العَاقِلِ أَنْ يَتَكَلَّمَ عَنْ عِرْضِهِ.

وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى المُسْلِمِ العَاقِلِ إِنْ سَمِعَ بِطَلَاقِ رَجُلٍ لِامْرَأَتِهِ أَنْ يُوَاسِيَهُ في هَذَا المُصَابِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنِ السَّبَبِ إِلَّا إِذَا كَانَ مُرِيدَاً للإِصْلَاحِ، إِنْ عَلِمَ أَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ طَلَاقَاً بَائِنَاً بَيْنُونَةً كُبْرَى، وَالرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يُرْجِعَ زَوْجَتَهُ لِعِصْمَتِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
317 مشاهدة
الملف المرفق