أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5138 - والدها يمنعها من الحجاب

05-05-2012 53424 مشاهدة
 السؤال :
أنا فتاة أعيش في أسرة متبرِّجة، ولقد أكرمني الله تعالى بالهداية، وأريد الالتزام بالحجاب، ولكن والدي يمنعني، فماذا أفعل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5138
 2012-05-05

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: اللهُ تعالى أَمَرَ النِّساءَ بالحجابِ، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ}. وقال: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}. وقال: {وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى}.

ثانياً: كذلكَ أَمَرَ اللهُ تعالى النِّساءَ المسلماتِ بِسترِ الزِّينةِ، فقال تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}.

ثالثاً: أَمَرَ اللهُ تعالى أولياءَ الأبناءِ بِوقايةِ الأهلِ من النارِ، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون}.

ومِنَ الأسبابِ الموجبةِ لِدُخولِ النارِ ـ والعياذُ باللهِ تعالى ـ التَّبرُّجُ، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاتٌ مَائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المَائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا).

رابعاً: أَمَرَ اللهُ تعالى الأبناءَ بِبِرِّ الوالدَين، والإحسانِ إليهما، ومُصاحَبَتِهما بالمعروفِ مهما أساءا، قال تعالى: {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون}.

وبناء على ذلك:

 فلا طاعةَ لِمخلوقٍ في معصيةِ الخالقِ مهما كان هذا المخلوقُ، وذلك لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الخَالِقِ) رواه الطبراني عَنْ عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. وفي روايةٍ للإمام أحمد عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ). ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ) رواه الإمامان البخاري ومسلم عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وكانَ مِن الواجبِ على والدكِ أن يأمُرَكِ بالحجابِ لا بالسُّفورِ، لأنَّ شِعارَ المؤمنين قولُه تعالى: {يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ}. وشِعارُ المنافقين قولُه تعالى: {يَأْمُرُونَ بِالمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المَعْرُوفِ}.

فأنتِ في اختبارٍ شديدٍ في هذه الحالةِ، أَتُطيعينَ اللهَ تعالى أم تُطيعينَ والدَكِ؟ ولا شكَّ أنَّ طاعةَ الخالقِ مقدَّمةٌ على طاعةِ المخلوقِ.

وأنصحكِ أن تُذكِّري والدَكِ باللهِ وباليومِ الآخرِ بأُسلوبٍ لطيفٍ، وأن تَتَوَدَّدِي له، وأن تُحسِني صُحبتَهُ، وأن تستعيني باللهِ تعالى عليه، ثمَّ بِبعضِ أهلِ التَّقوى والصَّلاحِ من أَقارِبِكِ عسى أن يشرحَ اللهُ صدرَهُ للإسلامِ، وأكثري من الدُّعاءِ له بِظهرِ الغيبِ.

فإن أَصَرَّ ـ لا قدَّر الله تعالى ـ على إلزامِكِ بالتَّبرُّجِ والسُّفورِ فلا طاعةَ له عليك، واصبري حتى يجعلَ اللهُ تعالى لك فرجاً ومخرجاً. أسألُ الله تعالى أن يُثبِّتنا وإياكِ بالقولِ الثَّابتِ في الحياة الدنيا وفي الآخرة. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
53424 مشاهدة