أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

4939 - هل صحيح أن سعد بن عبادة لم يبايع أبا بكر رضي الله عنهما؟

08-03-2012 31887 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيحٌ بأنَّ سيدنا سعد بن عبادة رضي الله عنه، لم يبايع سيدنا أبا بكر رضي الله عنه حتى وفاته؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4939
 2012-03-08

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: سيدنا سعد بن عبادة رضي الله عنه مِمَّن شَهِدَ بيعةَ العقبةِ الثانيةِ مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نقيباً على قومِهِ، وكانت بيعتهم ـ كما يقول عبادة بن الصامت رضي الله عنه ـ: (بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي عُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَمَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَالأَثَرَةِ عَلَيْنَا، وَأَنْ لا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَنَقُومَ بِالْحَقِّ حَيْثُ كَانَ وَلا نَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ) رواه الإمام أحمد.

ثانياً: سيدنا سعد بن عبادة رضي الله عنه مِمَّن شَهِدَ بدراً، وحَظِيَ بمقامِ أهلِ بدرٍ ومنزلَتِهِم عند الله تعالى، وهو مِمَّن شُمِلوا بقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لسيدنا عمر رضي الله عنه: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ) رواه البخاري ومسلم.

ثالثاً: كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يعتمد عليه وعلى سيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنهما، وعندما استشارهما في أن يصالح قبيلة غَطَفَان على ثلث ثمار المدينة كي ينصرفوا عن قتال المسلمين، (فقالا له: يَا رَسُولَ اللهِ أَمْرًا نُحِبّهُ فَنَصْنَعُهُ، أَمْ شَيْئًا أَمَرَك اللهُ بِهِ لا بُدّ لَنَا مِن الْعَمَلِ بِهِ، أَمْ شَيْئًا تَصْنَعُهُ لَنَا؟ قَالَ: بَلْ شَيْءٌ أَصْنَعُهُ لَكُمْ، واللهِ مَا أَصْنَعُ ذَلِكَ إلا لأَنّنِي رَأَيْتُ العَرَبَ قَدْ رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، وَكَالَبُوكُمْ مِنْ كُلّ جَانِبٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَكْسِرَ عَنْكُمْ مِنْ شَوْكَتِهِمْ إلَى أَمْرٍ مَا؛ فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ كُنّا نَحْنُ وَهَؤُلاءِ القَوْمِ عَلَى الشّرْكِ بِاللهِ، وَعِبَادَةِ الأَوْثَانِ لا نَعْبُدُ اللهَ وَلا نَعْرِفُهُ، وَهُمْ لا يَطْمَعُونَ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهَا تَمْرَةً إلا قِرَى أَوْ بَيْعًا، أَفَحِينَ أَكْرَمَنَا اللهُ بِالإِسْلَامِ، وَهَدَانَا لَهُ، وَأَعَزّنَا بِك وَبِهِ نُعْطِيهِمْ أَمْوَالَنَا؟ وَاَللهِ مَا لَنَا بِهَذَا مِنْ حَاجَةٍ، وَاللهِ لا نُعْطِيهِمْ إلا السّيْفَ حَتّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: فَأَنْتَ وَذَاكَ).

رابعاً: روى الإمام البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن بيعة الصديق رضي الله عنه قال: (فَبَايَعَهُ النَّاسُ عَامَّةً). ولم يستثنِ في ذلك سعد بن عبادة رضي الله عنه ولا غيره.

خامساً: روى الإمام أحمد: أنَّ الصديق رضي الله عنه قال لسعد بن عبادة رضي الله عنه: (وَلَقَدْ عَلِمْتَ يَا سَعْدُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَأَنْتَ قَاعِدٌ: قُرَيْشٌ وُلاةُ هَذَا الأَمْرِ، فَبَرُّ النَّاسِ تَبَعٌ لِبَرِّهِمْ، وَفَاجِرُهُمْ تَبَعٌ لِفَاجِرِهِمْ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ رضيَ اللهُ عنهُ: صَدَقْتَ، نَحْنُ الوُزَرَاءُ وَأَنْتُمُ الأُمَرَاءُ).

وبناء على ذلك:

 فسيدنا سعد بن عبادة رضي الله عنه الذي عُرِفَت مواقِفُهُ هذه مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم جَعَلَتهُ من كِبارِ الصَّفوَةِ الأخيارِ، الذين اختارهُمُ اللهُ تعالى لِصُحبَةِ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فهو صاحبُ الماضي المجيدِ في خدمةِ الإسلامِ والصحبةِ الصادقةِ لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وهو من أبعدِ الناسِ عن مواطنِ الخِلافِ والمشاحنةِ.

وعندما قال له الصديق رضي الله عنه ما قال، وردَّ عليه سعد رضي الله عنه بقوله: (صَدَقْتَ نَحْنُ الوُزَرَاءُ وَأَنْتُمُ الأُمَرَاءُ)، بايعَ الصدِّيقَ رضي الله عنه وتَتَابَعَ القومُ على البيعة، وبها تَحَقَّقَ إجماعُ الأنصارِ على بيعةِ الخليفةِ أبي بكرٍ الصديقِ رضي الله عنهم جميعاً.

وما يُذكَر بشأن تخلُّفِ سيدنا سعد بن عبادة رضي الله عنه عن البيعة، واعتزالِهِ الصحابةَ وجماعةَ المسلمين بعد ذلك، حتى أنَّه كان لا يصلي بصلاتهم، ولا يفيض بإفاضتهم في الحج، وإصراره على المنازعة والخلاف، وما ينسب له من قول: (لا أبايعكم حتى أريكم بما في كنانتي، وأخضب سنان رمحي، وأضرب بسيفي)، فكان لا يصلي بصلاتهم، ولا يجتمع بجماعتهم، ولا يقضي بقضائهم، ولا يفيض بإفاضتهم، إلى آخر هذه الافتراءات، ما هي إلا من صنعِ الرَّافضةِ وكَذِبِهِم، عَامَلَهُمُ اللهُ تعالى بِعَدلِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
31887 مشاهدة