أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

2928 - هل يوجد تعارض بين قوله تعالى: {وإذا مروا باللغو مروا كراماً} وبين حديث تغيير المنكر؟

18-05-2010 12499 مشاهدة
 السؤال :
هل يوجد تعارض بين الآية الكريمة: {وإذا مروا باللغو مروا كراماً} والحديث الشريف: (من رأى منكم منكراً فليغيِّره بيده...)؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 2928
 2010-05-18

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فلا تعارض بين الآية والحديث، لأن الآية تتحدَّث عن صفات عباد الرحمن الذين من صفاتهم الإعراض عن اللغو، كما قال تعالى في سورة المؤمنون: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُون}. واللغو: هو القول أو الفعل الذي لا خير فيه، فصفات عباد الرحمن المفلحين إعراضهم عن اللغو ومجالس اللهو والغفلة، هذا فضلاً عن كلِّ ما كان حراماً أو مكروهاً، فهم يتركون المباح الذي لا خير فيه، وهذا من كمالهم وحرصهم على الوقت.

أما إذا شاهدوا المنكر الذي فيه سخط الله تعالى فهو ينهون عنه، وذلك لقوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون}. ولقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ) رواه مسلم. ويتدرَّجون في النهي عن المنكر من الأدنى إلى الأعلى، وذلك امتثالاً لقوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين}.

وبناء على ذلك:

فلا تعارض بين الآية والحديث، فالآية تصف عباد الرحمن بأنهم حريصون على الوقت لأنه من ذهب وهو رأسمالهم، ولا ينكرون على من قال أو فعل مباحاً لا فائدة فيه، ولكنهم إذا شاهدوا المنكر أنكروه بشروطه.

نسأل الله تعالى أن يوفِّقنا لاغتنام الوقت الذي صار أرخص شيء عند الناس، مع أنه في الحقيقة أغلى شيء عند العقلاء، لأنهم علموا أنهم سيحاسبون عليه يوم القيامة، كما جاء في الحديث: (لا تَزُولُ قَدمَا عبْدٍ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيم فَعَلَ فِيهِ، وعَنْ مالِهِ منْ أَيْنَ اكْتَسبهُ، وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَن جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلاهُ) رواه الترمذي عن أبي برزة.

لقد ضيَّع الكثير من الناس أوقاتهم على القنوات الفضائية، إضافة إلى مواقع الإنترنت، إضافة إلى اللعب بالورق والطاولة وما شابه ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
12499 مشاهدة