81ـ كلمات في مناسبات: أين الاتباع في الدعاء؟

81ـ كلمات في مناسبات: أين الاتباع في الدعاء؟

.

81ـ كلمات في مناسبات: أين الاتباع في الدعاء؟

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ المَفْزَعَ بَعْدَ الإِيمَانِ هُوَ الدُّعَاءُ، فَهُوَ سِلَاحٌ يُسْتَدْفَعُ بِهِ البَلَاءُ، وَيُرَدُّ بِهِ شَرُّ القَضَاءِ، وَلَا شَيْءَ أَكْرَمَ على اللهِ تعالى مِنَ الدُّعَاءِ، فَاللهُ سُبْحَانَهُ وَتعالى يُحِبُّ ذَلِكَ مِنْ عَبْدِهِ، وَيُحِبُّ انْطِرَاحَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالتَّوَجُّهَ بِالشَّكْوَى إِلَيْهِ، بَلْ أَمَرَنَا اللهُ تعالى بِهِ وَوَعَدَ بِالإِجَابَةِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾.

وَيَقُولُ تعالى في الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: «يَا عِبَادِي، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي، كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعَاً، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَيْسَتْ بِامْتِلَاءِ العَضَلَاتِ، وَلَا بِقُوَّةِ الحَرَكَاتِ، قَوَالِبُ البَشَرِ يَشْتَرِكُ فِيهَا بَنُو آدَمَ مَعَ السِّبَاعِ وَبَهَائِمِ الأَنْعَامِ، إِنَّمَا الحَيَاةُ الحَقِيقِيَّةُ هِيَ حَيَاةُ القُلُوبِ، حَيَاةُ الصِّلَةِ مَعَ اللهِ تعالى، هِيَ حَيَاةُ الاسْتِجَابَةِ لِأَوَامِرِهِ، وَالانْزِجَارٍ عَنْ نَوَاهِيهِ ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتَاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورَاً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: المَقْطُوعُونَ عَنِ اللهِ تعالى، وَالبَعِيدُونَ عَنْ طَاعَتِهِ، هُمْ أَهْلُ الاضْطِرَابِ وَالقَلَقِ، وَأَهْلُ الخَوْفِ وَالهَلَعِ على الحَاضِرِ وَالمُسْتَقْبَلِ، قَسَتْ قُلُوبُهُمْ، وَمَرِجَتْ عُهُودُهُمْ، وَزَفَرَتْ نُفُوسُهُمْ.

لَمَّا رَأَى أَهْلُ الإِيمَانِ سَطْوَةَ الدُّنْيَا بِأَهْلِهَا، وَخِدَاعَ الأَمَلِ لِأَرْبَابِهِ، لَجَؤُوا إلى حِصْنٍ حَصِينٍ وَمَلْجَأٍ مَكِينٍ، أَلَا وَهُوَ حِصْنُ الإِيمَانِ وَسِلَاحُ الدُّعَاءِ، فَفَرُّوا إلى جَنْبِ اللهِ تعالى، وَالْتَجَؤُوا بِحِمَاهُ، لَقَدْ أَدْرَكُوا أَنَّ الخَلَائِقَ فُقَرَاءُ إلى اللهِ تعالى ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾. فَمَنْ لَمْ يَتَفَضَّلِ اللهُ عَلَيْهِ بِالهِدَايَةِ وَالإِيمَانِ وَمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ وَمُجَانَبَةِ العِصْيَانِ، فَهُوَ الهَالِكُ الخَاسِرُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

السِّلَاحُ المُعَطَّلُ في حَيَاةُ الأُمَّةِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: السِّلَاحُ المُعَطَّلُ في حَيَاةِ الأُمَّةِ هُوَ سِلَاحُ الدُّعَاءِ، سِلَاحُ الدُّعَاءِ بِهِ يَنْشَرِحُ الصَّدْرُ، وَتُيَسَّرُ الأُمُورُ، وَيُقْبِلُ العَبْدُ على طَاعَةِ مَوْلَاهُ، وَعَلَى شُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ، وَبِهِ يُعْطَى المَحْرُومُ، وَيُشْفَى السَّقِيمُ، وَيَرْتَاحُ الفُؤَادُ، وَيَسْلَمُ الإِنْسَانُ على دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَبِهِ يُدْفَعُ الضُّرُّ، وَتَعُمُّ البَرَكَاتُ، وَهُوَ أَعْظَمُ سِلَاحٍ يَتَسَلَّحُ بِهِ الإِنْسَانُ المُؤْمِنُ، وَأَعْظَمُ قُوَّةٍ يَتَقَوَّى بِهَا العَبْدُ الضَّعِيفُ، لِذَا كَانَ هُوَ العِبَادَةَ وَالسِّلَاحَ.

روى الحاكم عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الدُّعَاءُ سِلَاحُ الْـمُؤْمِنِ، وَعِمَادُ الدِّينِ، وَنُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ».

وروى الترمذي والحاكم عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللهِ بِالدُّعَاءِ».

وروى الطَّبَرَانِيُّ في الدُّعَاءِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ الْـمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ».

وروى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَنْصَارِ يُكَنَّى: أَبَا مُعَلَّقٍ، وَكَانَ تَاجِرَاً يَتَّجِرُ بِمَالٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، يَضْرِبُ بِهِ فِي الْآفَاقِ، وَكَانَ نَاسِكَاً وَرِعَاً، فَخَرَجَ مَرَّةً فَلَقِيَهُ لِصٌّ مُقَنَّعٌ فِي السِّلَاحِ، فَقَالَ لَهُ: ضَعْ مَا مَعَكَ فَإِنِّي قَاتِلُكَ.

قَالَ: مَا تُرِيدُ إِلَى دَمِي، شَأْنَكَ بِالْـمَالِ؟

قَالَ: أَمَّا الْـمَالُ فَلِي، وَلَسْتُ أُرِيدُ إِلَّا دَمَكَ.

قَالَ: أَمَّا إِذَا أَبَيْتَ، فَذَرْنِي أُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ.

قَالَ: صَلِّ مَا بَدَا لَكَ.

فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ فِي آخِرِ سَجْدَةٍ أَنْ قَالَ: يَا وَدُودُ، يَا ذَا الْعَرْشِ الْـمَجِيدِ، يَا فَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ، أَسْأَلُكُ بِعِزِّكَ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَمُلْكِكَ الَّذِي لَا يُضَامُ، وَبِنُورِكَ الَّذِي مَلَأَ أَرْكَانَ عَرْشِكَ، أَنْ تَكْفِيَنِي شَرَّ هَذَا اللِّصِّ، يَا مُغِيثُ أَغِثْنِي، يَا مُغِيثُ أَغِثْنِي ـ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ قَالَ: دَعَا بِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ أَقْبَلَ بِيَدِهِ حَرْبَةٌ وَاضِعُهَا بَيْنَ أُذُنِي فَرَسِهِ، فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ اللِّصُّ أَقْبَلَ نَحْوَهُ، فَطَعَنَهُ، فَقَتَلَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قُمْ.

قَالَ: مَنْ أَنْتَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟ فَقَدْ أَغَاثَنِي اللهُ بِكَ الْيَوْمَ.

قَالَ: أَنَا مَلَكٌ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، دَعَوْتَ بِدُعَائِكَ الْأَوَّلِ، فَسَمِعْتُ لِأَبْوَابُ السَّمَاءُ قَعْقَعَةً، ثُمَّ دَعَوْتَ بِدُعَائِكَ الثَّانِي، فَسَمِعْتُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ ضَجَّةً، ثُمَّ دَعَوْتَ بِدُعَائِكَ الثَّالِثِ، فَقِيلَ لِي: دُعَاءُ مَكْرُوبٍ، فَسَأَلْتُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُوَلِّيَنِي قَتْلَهُ.

قَالَ أَنَسٌ: فَاعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ تَوَضَّأٍ، وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَدَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ، اسْتُجِيبَ لَهُ مَكْرُوبَاً كَانَ أَوْ غَيْرَ مَكْرُوبٍ.

الدُّعَاءُ يَوْمُ عَرَفَةَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ رَفَعَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ قِيمَةِ وَشَأْنِ الدُّعَاءِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ» رواه أبو داود والحاكم والترمذي عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الدُّعَاءُ مُخُّ العِبَادَةِ» رواه الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَإِذَا كَانَ حُجَّاجُ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ عِنْدَهُمْ فُرَصٌ لِدُعَاءٍ لَا يُرَدُّ، كَالدُّعَاءِ في الطَّوَافِ، وَالدُّعَاءِ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَالدُّعَاءِ في السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَالدُّعَاءِ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَالدُّعَاءِ عِنْدَ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ، وَعِنْدَ رَمْيِ الجَمَرَاتِ، وَبَعْدَ رَمْيِ الجَمَرَاتِ، وَبَعْدَ الحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ، وَفِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ يَقْبَلُ اللهُ تعالى الدُّعَاءَ فِيهَا مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِهِ؛ فَاللهُ تعالى لَمْ يَحْرِمْ عُمُومَ الأُمَّةِ مِنْ فُرَصِ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ في غَيْرِ مَكَّةَ.

مَوَاطِنُ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ تَمَامِ فَضْلِ اللهِ تعالى عَلَيْنَا أَنْ جَعَلَنَا نُشَارِكُ حُجَّاجَ بَيْتِ اللهِ تعالى الحَرَامِ في الدُّعَاءِ، وَفِي أَزْمِنَةٍ يَكُونُ فِيهَا الدُّعَاءُ مُسْتَجَابَاً؛ مِنْ هَذِهِ الأَزْمِنَةِ التي يَكُونُ فِيهَا الدُّعَاءُ مُسْتَجَابَاً.

أولاً: سَاعَاتُ السَّحَرِ:

روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَنْزِلُ اللهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ، فَيَقُولُ: أَنَا الْـمَلِكُ، أَنَا الْـمَلِكُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ». فَيَا مَنْ حُرِمْتَ زِيَارَةَ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، لَا تَحْرِمْ نَفْسَكَ مِنْ لَحَظَاتٍ في السَّحَرِ تَدْعُو فِيهَا رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ.

ثانياً: بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ مَوَاطِنِ اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَأَزْمِنَتِهِ مَا بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، روى الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ».

قَالُوا: فَمَاذَا نَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «سَلُوا اللهَ العَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». أَيْ: ادْعُوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بِهَذِهِ الدَّعْوَةِ الجَامِعَةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ العَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؛ فَيَا مَنْ حُرِمْتَ زِيَارَةَ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، لَا تَحْرِمْ نَفْسَكَ مِنَ الدُّعَاءِ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، وَاتْرُكِ الانْشِغَالَ بِالخَلْقِ في هَذِهِ اللَّحَظَاتِ.

ثالثاً: أَثْنَاءَ سُجُودِكَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ مَوَاطِنِ اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَأَزْمِنَتِهِ أَثْنَاءَ سُجُودِكَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى، روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ». فَيَا مَنْ حُرِمْتَ زِيَارَةَ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، لَا تَحْرِمْ نَفْسَكَ مِنَ الدُّعَاءِ أَثْنَاءَ سُجُودِكَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى، وَخَاصَّةً في صَلَاةِ النَّافِلَةِ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَذَا السِّلَاحُ الذي مَنَحَهُ اللهُ تعالى لِعِبَادِهِ، كَثِيرٌ مِنْهُمْ مَا عَرَفَ اسْتِخْدَامَهُ، الكَثِيرُ مِنْهُمْ مَنِ اسْتَخْدَمَهُ ضِدَّ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَسْتَخْدِمْهُ ضِدَّ نَفْسِهِ وَشَيْطَانِهِ وَأَهْوَائِهِ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: أَيْنَ المُتَّبِعُ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الدُّعَاءِ؟ اسْمَعُوا بَعْضَ أَدْعِيَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

روى الإمام مسلم عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا». هَلْ تَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الدُّعَاءِ على غَيْرِكَ؟

وروى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي، وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، وَزِدْنِي عِلْمَاً، الحَمْدُ للهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَأَعُوذُ بِاللهِ مِنْ حَالِ أَهْلِ النَّارِ». هَلْ تَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الدُّعَاءِ على غَيْرِكَ؟

وروى الحاكم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ وَالْقَسْوَةِ، وَالْغَفْلَةِ وَالْعِيلَةَ وَالذِّلَّةَ وَالْـمَسْكَنَةَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ وَالْكُفْرِ، وَالْفُسُوقِ، وَالشِّقَاقِ، وَالنِّفَاقِ، وَالسُّمْعَةِ، وَالرِّيَاءِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الصَّمَمِ وَالْبَكَمِ وَالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ، وَسَيِّئِ الْأَسْقَامِ». هَلْ تَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الدُّعَاءِ على غَيْرِكَ؟

وروى الترمذي عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو يَقُولُ: «رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرِ الهُدَى لِي، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارَاً، لَكَ ذَكَّارَاً، لَكَ رَهَّابَاً، لَكَ مِطْوَاعَاً، لَكَ مُخْبِتَاً، إِلَيْكَ أَوَّاهَاً مُنِيبَاً، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ صَدْرِي». هَلْ تَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الدُّعَاءِ على غَيْرِكَ؟

وروى الحاكم عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْـمَسْأَلَةِ، وَخَيْرَ الدُّعَاءِ، وَخَيْرَ النَّجَاحِ، وَخَيْرَ الْعَمَلِ، وَخَيْرَ الثَّوَابِ، وَخَيْرَ الْحَيَاةِ، وَخَيْرَ الْـمَمَاتِ، وَثَبَّتَنِي وَثَقِّلْ مَوَازِينِي، وَحَقِّقْ إِيمَانِي، وَارْفَعْ دَرَجَاتِي، وَتَقَبَّلْ صَلَاتِي، وَاغْفِرْ خَطِيئَتِي، وَأَسْأَلُكَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجَنَّةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فَوَاتِحَ الْخَيْرِ وَخَوَاتِمَهُ، وَجَوَامِعَهُ، وَأَوَّلَهُ، وَظَاهِرَهُ وَبَاطِنَهُ، وَالدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجَنَّةِ آمِينَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا آتِي، وَخَيْرَ مَا أَفْعَلُ، وَخَيْرَ مَا أَعْمَلُ، وَخَيْرَ مَا بَطَنَ، وَخَيْرَ مَا ظَهَرَ، وَالدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجَنَّةِ آمِينَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَرْفَعَ ذِكْرِي، وَتَضَعَ وَزِرْي، وَتُصْلِحَ أَمْرِي، وَتُطَهِّرَ قَلْبِي، وَتُحَصِّنَ فَرْجِي، وَتُنَوِّرَ لِي قَلْبِي، وَتَغْفِرَ لِي ذَنْبِي، وَأَسْأَلُكَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجَنَّةِ آمِينَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُبَارَكَ لِي فِي نَفْسِي، وَفِي سَمْعِي، وَفِي بَصَرِي، وَفِي رُوحِي، وَفِي خَلْقِي، وَفِي خُلُقِي، وَفِي أَهْلِي، وَفِي مَحْيَايَ، وَفِي مَمَاتِي، وَفِي عَمَلِي، فَتَقَبَّلْ حَسَنَاتِي، وَأَسْأَلُكَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجَنَّةِ آمِينَ». هَلْ تَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الدُّعَاءِ على غَيْرِكَ؟

وروى الحاكم عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَايِشٍ الْحَضْرَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَذَكَرَ الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَقَالَ: «قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الطَّيِّبَاتِ، وَتَرْكَ الْـمُنْكَرَاتِ وَحُبَّ الْـمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَتُوبَ عَلَيَّ، وَتَغْفِرَ لِي، وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِي قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ».

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَعَلِّمُوهُنَّ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُنَّ الْحَقُّ». هَلْ تَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الدُّعَاءِ على غَيْرِكَ؟

وروى الحاكم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهَا هَذَا الدُّعَاءَ، فَقَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ بِكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَسْأَلُكَ مَا قَضَيْتَ لِي مِنْ أَمْرٍ أَنْ تَجْعَلَ عَاقِبَتَهُ رُشْدَاً». هَلْ تَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الدُّعَاءِ على غَيْرِكَ؟

وروى الإمام أحمد والحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَظُلْمَنَا، وَهَزْلَنَا وَجِدَّنَا، وَعَمَدْنَا وَكُلَّ ذَلِكَ عِنْدَنَا». هَلْ تَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الدُّعَاءِ على غَيْرِكَ؟

وروى الحاكم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَدْعُو بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ فَإِنَّهُ مُعْطِيكَ إِحْدَاهُنَّ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ تَعْجِيلَ عَافِيَتِكَ، وَصَبْرَاً عَلَى بَلِيَّتِكَ، أَوْ خُرُوجَاً مِنَ الدُّنْيَا إِلَى رَحْمَتِكَ. هَلْ تَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الدُّعَاءِ على غَيْرِكَ؟

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: أَدْعِيَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَةٌ وَكَثِيرَةٌ يَخُصُّ بِهَا ذَاتَهُ الشَّرِيفَةَ، فَأَيْنَ الاتِّبَاعُ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

الأُمَّةُ اليَوْمَ تَدْعُو اللهَ تعالى على بَعْضِهَا بَعْضَاً، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ، مَعَ العِلْمِ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ الكِرَامَ قَالُوا لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ عَلَى الْـمُشْرِكِينَ.

فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانَاً، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

بَلْ جَاءَهُ سَيِّدُنَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ الطَّائِفِ، وَقَالَ لَهُ: إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ.

يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ؟

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئَاً» رواه الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِنَسْتَعْمِلِ الدُّعَاءَ في إِصْلَاحِ أَحْوَالِنَا، لَعَلَّ اللهَ تعالى أَنْ يَصْرِفَ عَنَّا كَيْدَ الكَائِدِينَ، وَإِجْرَامَ المُجْرِمِينَ. اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِذَلِكَ. آمين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الأحد: 9/ ذو الحجة /1437هـ، الموافق: 11/ أيلول / 2016م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  كلمات في مناسبات

28-09-2023 634 مشاهدة
141ـ كلمات في مناسبات: عذرًا يا سيدي يا رسول الله

لقد كُنتَ حَرِيصَاً عَلَينَا أَشَدَّ الحِرْصِ، بِشَهَادَةِ مَولانَا عزَّ وجلَّ القَائِلِ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾. وبِشَهَادَتِكُم عِندَمَا ... المزيد

 28-09-2023
 
 634
07-03-2023 654 مشاهدة
140ـ كلمات في مناسبات: إجابة الدعاء معلقة بالاستجابة لله تعالى

عِنْدَمَا تَنْزِلُ المِحَنُ، وَتَشْتَدُّ الخُطُوبُ، وَتَتَوَالَى الكُرُوبُ، وَتَعْظُمُ الرَّزَايَا، وَتَتَابَعُ الشَّدَائِدُ، لَنْ يَكُونَ أَمَامَ المُسْلِمِ إِلَّا أَنْ يَلْجَأَ إلى اللهِ تعالى وَيَلُوذَ بِجَانِبِهِ، وَيَضْرَعَ إِلَيْهِ ... المزيد

 07-03-2023
 
 654
28-09-2022 627 مشاهدة
1- المحبة محبتان

مَعَ بِدَايَةِ شَهْر رَبِيعٍ الأَوَّلِ، أُهَنِّئُ نَفْسِي وَإِيَّاكُمْ بِنِعْمَةِ الإِيمَانِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبِأَنْ جَعَلَنَا اللهُ تعالى حَظَّهُ مِنْ سَائِرِ الأُمَمِ، ... المزيد

 28-09-2022
 
 627
09-07-2022 523 مشاهدة
138ـ كلمات في مناسبات: درس فجر عيد الأضحى المبارك 1443 هـ شعيرة الأضحية

هَذَا اليَوْمُ هُوَ خِتَامُ الأَيَّامِ العَشْرِ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرْطٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ ... المزيد

 09-07-2022
 
 523
08-07-2022 455 مشاهدة
137ـ كلمات في مناسبات: يوم عرفة يوم الغفران

يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمٌ أَكْمَلَ اللهُ تعالى فِيهِ الدِّينَ، قَالَ تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾. يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمُ الغُفْرَانِ، وَالعِتْقِ مِنَ النِّيرَانِ، ... المزيد

 08-07-2022
 
 455
02-05-2022 541 مشاهدة
136ـ كلمات في مناسبات: درس فجر يوم عيد الفطر 1443هـ

اليَوْمَ هُوَ يَوْمُ الجَائِزَةِ، سَبَقَ فِيهِ أَقْوَامٌ فَفَازُوا، وَتَخَلَّفَ آخَرُونَ فَخَابُوا، اليَوْمَ فَازَ المُحْسِنُونَ، وَخَسِرَ المُسِيئُونَ، وَغَدًا تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ، وَيَحْصُدُ الزَّارِعُونَ مَا زَرَعُوا، إِنْ ... المزيد

 02-05-2022
 
 541

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3153
المكتبة الصوتية 4762
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411941433
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :