أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8572 - سوء المعاملة مع الأبناء

20-12-2017 7262 مشاهدة
 السؤال :
رجل مقيم خارج القطر، وهو في حالة ضيق وكرب شديد، مما أدى إلى سوء تعامله مع أبنائه، فبماذا تنصح هذا الأخ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8572
 2017-12-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: أَنْصَحُ هَذَا الرَّجُلَ بِالعَوْدَةِ إلى بَلَدِهِ، فَإِنَّ بِلَادَ الشَّامِ بِلَادٌ مُبَارَكَةٌ، بِدَعْوَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَتْ إِقَامَتُهُ في بَلَدٍ غَيْرِ إِسْلَامِيٍّ، حَيْثُ الفِسْقُ وَالفُجُورُ، جِهَارَاً نَهَارَاً، يَنَامَ النَّاسُ وَيَسْتَيْقِظُونَ عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى أَلِفُوا الفِسْقَ وَالفُجُورَ، وَتَجَاوَزُوا حُدُودَ اللهِ تعالى، وَحَتَّى صَارَ المَعْرُوفُ مُنْكَرَاً، وَالمُنْكَرُ مَعْرُوفَاً.

ثانياً: إِنَّ الضِّيقَ وَالكَرْبَ إِذَا اعْتَرَى الإِنْسَانَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَن يُرَاجِعَ الحِسَابَاتِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ تعالى، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾. وَلِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.

فَعَلَيْهِ أَنْ يُرَاجِعَ الحِسَابَاتِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ تعالى، مِنَ الاجْتِرَاءِ عَلَى مَعْصِيَةِ اللهِ تعالى، وَتَرْكِ أَوَامِرِ اللهِ تعالى الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ.

ثالثاً: إِنَّ سُوءَ التَّعَامُلِ مَعَ الأَبْنَاءِ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ نُفُورِ الأَبْنَاءِ مِنَ الأَبِ، وَخَاصَّةً في تِلْكَ البِلَادِ غَيْرِ المُسْلِمَةِ، وَإِذَا حَصَلَ النُّفُورُ مِنَ الأَبِ المُرَبِّي مَعَ سُوءِ المُجْتَمَعِ هُنَاكَ، فَإِنَّ الوَالِدَ سَوْفَ يَخْسَرُ أَوْلَادَهُ الذينَ هُمْ قُرَّةُ عَيْنِ الرَّجُلِ المُؤْمِنِ، الذي يُكْثِرُ مِنَ الدُّعَاءِ: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامَاً﴾.

يَجِبُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ مَهْمَا ضَاقَتْ بِهِ الأَحْوَالُ، وَكَثُرَ عِنْدَهُ التَّرَدُّدُ وَالاضْطِرَابُ، أَنْ يَهْتَمَّ بِحُسْنِ التَّعَامُلِ مَعَ أَوْلَادِهِ، وَإِلَّا فَهَمُّهُ وَكَرْبُهُ سَوْفَ يَزْدَادُ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى.

وبناء على ذلك:

فَمِنْ حَقِّ الأَبْنَاءِ عَلَى أَبِيهِمْ حُسْنُ التَّعَامُلِ، وَحُسْنُ التَّنَاصُحِ، لَعَلَّهُ أَنْ يَفُوزَ بِأَثَرِ هَذَا التَّعَامُلِ مِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، وَعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَمِنْ حُسْنِ التَّعَامُلِ وَسَاعَةُ الصَّدْرِ، وَحُسْنُ الكَلَامِ، وَلْيَذْكُرْ  قَوْلَهُ تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنَاً﴾. فَإِذَا كَانَ هَذَا في حَقِّ النَّاسِ عَامَّةً، فَفِي حَقِّ أَوْلَادِهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَأَوْلَى.

وَأَنْصَحُ هَذَا الأَخَ الكَرِيمَ بِالإِكْثَارِ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالاسْتِغْفَارِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبِكَثْرَةِ السُّجُودِ، وَبِالتَّحَقُّقِ بِالعُبُودِيَّةِ للهِ تعالى، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
7262 مشاهدة