أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

521 - لماذا جعل الله العذاب ضعفين لأزواج النبي إذا جئن بفاحشة مبينة؟

29-09-2007 11630 مشاهدة
 السؤال :
نحن نعلم أن من أسماء الله العدل، فلما قال الله تعالى في حق نساء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: {يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيراً} فلماذا جعل العذاب ضعفين؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 521
 2007-09-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

 أولاً: يجب أن نعلم أن الله فعَّال لما يريد، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وهذه مسألة عقدية يجب التنبه لها. ثانياً: وعد الله بتضعيف العذاب لحكم والله تعالى أعلم: الأولى: زوجة الغير تعذب على ارتكاب الفاحشة، لما في ذلك من مفاسد، وأما هذه - وحاشاها من ذلك - تعذب لذاك الأمر، ولإيذاء قلب زوجها، ولأنها تكون بذلك - وحاشاها من ذلك - قد اختارت غير زوجها، وكان غيره خيراً منه عندها، وحاشاه من ذلك، فتعذب لذلك ضعفين. الثانية: في هذا إشارة إلى شرفهن رضي الله تعالى عنهن، لأن الحرة عذابها ضعف عذاب الأمة إظهاراً لشرفها، ونسبة النبي صلى الله عليه وسلم إلى غيره من الرجال نسبة السادات إلى العبد، لكونه صلى الله عليه وسلم أولى بهم من أنفسهم، واعلم بأن هذه الآية الكريمة نظيرة قوله تعالى: {لئن أشركت ليحبطن عملك} فقوله تعالى: {من يأت منكن بفاحشة مبينة} من هذا القبيل، لأن الله تعالى صان زوجات النبي صلى الله عليه وسلم عن الفاحشة وعصمهن من ذلك لحرمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. ما كان في القرآن من نذارة *** إلى النبي صاحب البشارة فكن لبيباً وافهم الإشارة *** إيَّاك أعني وافهمي يا جارة الثالثة: في قوله تعالى: {بفاحشة مبينة} قال: {يضاعف لها العذاب} فلو كانت غير مبينة كيف يكون؟ إذا أحدثت الذنب بينها وبين نفسها فهو ذنب واحد مقصور عليها، فإن كان علانية فهو مضاعف، لأنهنَّ أسوة وقدوة تتطلع العيون إلى سلوكهنَّ، فإن ظهرت منهنَّ فاحشة - وحاشاهنَّ من ذلك - كان تشجيعاً للأخريات. فمضاعفة العذاب لأن الفساد تعدى الذات للآخرين. أخرج الإمام أحمد في مسنده عن جرير بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سنَّ سُنَّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سنَّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة) . الرابعة: من اصطفاه الله تعالى لا يعني أنه صار فوق المحاسبة، فلا يظننَّ ظانٌّ بأن المكانة ستشفع عند ارتكاب حدٍّ من حدود الله تعالى، وإلا دخلت المسألة في سياق الحديث الشريف (إنما أهلك من كان قبلكم بأنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد) متفق عليه. الخامسة: أن يعلم الجميع بأن المنزلة عند الله تعالى هي بمدى الالتزام بأوامر الله عز وجل، وإلا فهناك زوجات لبعض الرسل عليهم الصلاة والسلام قال الله فيهن: {ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين} [التحريم: 10]. ويجب أن نعلم من هذه الآية بأن الخيانة هنا ليست في الفاحشة معاذ الله تعالى، لأنه كما قلنا معصومات من ذلك لحرمة الأنبياء، بل هي خيانة في الدين والإيمان فلم تؤمنا بهما، ولا صدَّقتاهما في الرسالة، وكانت امرأة نوح عليه السلام تقول عنه: مجنون. وكانت امرأة لوط عليه السلام تخبر قومه بـأضيافه ليفجروا بهم. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
11630 مشاهدة