أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1197 - مشاجرة قتل فيها رجل فهل هناك مقدار من المال محدود في الصلح؟

28-06-2008 29260 مشاهدة
 السؤال :
حصلت مشاجرة في مدينتنا، وكانت نتيجتها ستة جرحى وقتل رجل متزوج وله ثلاثة أطفال صغار، ومن فضل الله عز وجل على ورثة المقتول أنهم قبلوا بالصلح مع القاتل. فهل هناك مقدار محدود من المال في هذا الصلح؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1197
 2008-06-28

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالعفو عن القصاص أفضل من استيفاء القصاص، بدليل قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 178]. وقوله جلَّت قدرته: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ} [المائدة: 45] أي تصدق بالقصاص فعفا {فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ}. أي يكون العفو هو كفارة لذنوب العبد. وكذلك لقوله تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22]. وقوله تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: 237].

ويقول صلى الله عليه وسلم: «ما من رجل يُصاب بشيءٍ في جسده فيتصدق به إلا رفعه الله به درجةً وحط عنه به خطيئةً» رواه الترمذي وابن ماجه.

ويقول سيدنا أنس رضي الله عنه: (ما رُفِعَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر فيه القصاص إلا أمر فيه بالعفو) رواه أحمد وأصحاب السنن.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما عفا رجل إلا زاده اللهُ به عِزّاً» رواه الإمام أحمد.

وإذا تمَّ العفو مطلقاً ترتَّبَ عليه عصمة دم القاتل، وإذا كان مقيداً بدفع مبلغ من المال صلحاً، وجب على القاتل دفع المبلغ المتفق عليه صلحاً. وقد رَغَّبَ الحق جل جلاله في الصلح، فقال تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]. وقال صلى الله عليه وسلم: «الصُّلح جائزٌ بين المسلمين إلا صُلحًا حرَّم حلالاً أو أحلَّ حراماً، والمسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرَّم حلالاً أو أحلَّ حراماً» رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الدية ليست عقوبة أصلية في القتل العمد، وإنما تجب بالصلح بدلاً من القصاص سواء أكان الصلح بأكثر من الدية أم مثلها، وعند الشافعية لا يجوز الصلح بأكثر من الدية.

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح: «الرَّاحمون يرحمُهُم الرحمنُ، ارحموا من في الأرض يرحمْكُم من في السماء» رواه أبو داود والترمذي.

وكل واحد منا معرض للخطأ، لذلك أرى ألا يؤخذ صلحاً أقلُّ من الدية على وزن الفضة عشرة آلاف درهم أي ما يعادل خمساً وثلاثين كيلو غراماً من الفضة بسبب وجود قُصَّر للمتوفى، وأن نتراحم فيما زاد عن ذلك، فمن عفا وأصلح فقد وقع أجره على الله تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
29260 مشاهدة