أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

2397 - طرق الوقاية من الإصابة بالعين

10-10-2009 20561 مشاهدة
 السؤال :
إذا شك الشخص بأن شخصاً (ما) أصابه بالعين فما هي الوقاية من الإصابة بها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 2397
 2009-10-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا) رواه مسلم، ويقول صلى الله عليه وسلم: (إن العين لتدخل الرجل القبر، وتدخل الجمل القدر) رواه ابن عدي والقضاعي في مسند الشهاب وهو ضعيف.

فلله الحمد والفضل والمنَّة بأن قدره تبارك وتعالى لا يسبقه شيء، فما من شيء إلا وهو خادم لقدر الله عز وجل، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وصدق الله القائل: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ}، وله الحمد حيث يقول: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين}، وعظمت منَّته حيث يقول: {وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ}. هذا أولاً.

ثانياً: إذا أراد الإنسان أن يدفع عن نفسه شر الحاسد العائن فعليه بالأمور التالية:

1ـ التعوذ بالله من شر الحاسد العائن، وأن يقول: أعوذ بكلمات الله التامة، من كلِّ شيطان وهامة، ومن كلِّ عين لامة، وذلك لما جاء في صحيح البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَيَقُولُ: (أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَةِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ، ثُمَّ يَقُولُ: هَكَذَا كَانَ أَبِي إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام يُعَوِّذُ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ عَلَيْهِمَا السَّلَام).

ثم يقرأ المعوذتين: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق}، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس}، لما روى ابن ماجه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الْجَانِّ ثُمَّ أَعْيُنِ الْإِنْسِ فَلَمَّا نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ أَخَذَهُمَا وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ).

2ـ التوبة لله عز وجل من جميع الذنوب الظاهرة والباطنة، لأن الذنوب هي التي تسلِّط العدوَّ على الإنسان المؤمن، قال تبارك وتعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}، والتوبة الصادقة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على ما حصل، والجزم على عدم العودة إليه، وإعادة الحقوق لأصحابها.

3ـ التقوى لله عز وجل، لأن المتَّقي لله عز وجل محفوظ بإذن الله تعالى من شر الحاسد، قال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}، فالمتَّقي المتوكِّل حسبُه الله، ومن كان اللهُ حسبَه فقد كفاه، ولا مطمَعَ فيه لعدوه.

4ـ الصدقة والإحسان على قدر الاستطاعة، فما حرس العبد نعمة الله عليه بمثل شكرها، ومن الشكر الصدقة، ولا عرَّضها للزوال بمثل العمل فيها بمعصية الله عز وجل، وهذا هو كفر النعمة الذي يؤدي لا قدَّر الله إلى الكفر بالمنعم والعياذ بالله تعالى.

5ـ ترسيخ الإيمان بالله عز وجل الذي بيده ملكوت كل شيء، فهو المحرِّك لكل شيء، هو البارئ لكل شيء، فلا يضر شيء ولا ينفع شيء إلا بإذنه تعالى، فلا راد لفضل الله عز وجل، ولا كاشف لضرٍّ إلا هو، وصدق الله القائل: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ}.

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: (واعلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَو اجتَمعتْ عَلَى أَنْ ينْفعُوكَ بِشيْءٍ، لَمْ يَنْفعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَد كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوك بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بَشَيْءٍ قد كَتَبَهُ اللَّه عليْكَ، رُفِعَتِ الأقْلامُ، وجَفَّتِ الصُّحُفُ) رواهُ التِّرمذيُّ، فالإيمان بالقضاء والقدر ينفي الكدر.

6ـ إطفاء نار الحاسد العائن بالإحسان إليه، وكلما زاد الأذى بالحسد فزِدْ بالإحسان إليه والنصح له والشفقة عليه، وهذا خير من مقاتلته والتعرض له، لأنه ما نُصِرَ المحسود على حاسده لا بالصبر عليه والإحسان إليه، وهذا من أصعب الأسباب على النفس الأمارة بالسوء، ولكن لا يوفَّق لهذا إلا من له حظٌّ عظيم عند الله عز وجل، قال تعالى: {وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيم}.

7ـ إن أمكن أن يطلب المحسودُ من الحاسد العائن أن يغتسل، ويأخذ الماء ويصبَّه على نفسه فليفعل، وذلك لما روى مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا).

فقوله صلى الله عليه وسلم: (وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا) خطاب لمن يتهم بأنه عائن حاسد، أي إذا أُمر العائن أن يغتسل ويعطي غسالته للمعيون فليفعل، لأنه يبرأ بإذن الله تعالى.

وإذا تعذَّر ذلك فيكفي العبدَ المحسودَ المعيونَ ما ذُكر قبل هذه الفقرة الأخيرة.

نسأل الله تعالى أن يحفظنا من شر الأشرار ومن كيد الفجار، وأن لا يسلِّط علينا بذنوبنا من لا يخافه ولا يرحمنا، ونعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامَّة، ومن كلِّ عين لامَّة، لنا ولأصولنا وفروعنا أزواجنا وأحبابنا والمسلمين. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
20561 مشاهدة