أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1397 - هل يجوز القول: الصلاة والسلام عليك يا أول خلق الله؟

23-09-2008 36471 مشاهدة
 السؤال :
كثيراً ما نسمع بعد الأذان القول التالي : (الصلاة والسلام عليك يا أول خلق الله) فهل وصف رسول الله بأنه أول خلق الله صحيح؟ وهل هناك أدلة صريحة تثبت ذلك؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1397
 2008-09-23

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى وَجَبَتْ لَكَ النُّبُوَّةُ؟ قَالَ: (وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ) قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.

وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كنت أول النبيين في الخلق، وآخرهم في البعث) رواه أبو نعيم في الدلائل، وابن أبي حاتم في تفسيره، والديلمي، والطبراني في مسند الشاميين. وفي رواية عند ابن سعد عن قتادة مرسلاً: (كنت أول الناس في الخلق، وآخرهم في البعث).

وجاء في دلائل النبوة للبيهقي في حديث الإسراء الطويل، قال: (فقال له ربه: قد اتخذتك خليلاً، قال: وهو مكتوب في التوراة خليل الرحمن، وأرسلتك إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً، وشرحت لك صدرك، ووضعت عنك وزرك، ورفعت لك ذكرك، فلا أُذكر إلا ذُكِرتَ معي، ـ يعني بذلك الأذان ـ، وجعلت أمتك خير أمة أخرجت للناس، وجعلت أمتك أمة وسطاً، وجعلت أمتك هم الأولون وهم الآخرون، وجعلت من أمتك أقواماً قلوبهم أناجيلهم، وجعلت أمتك لا تجوز عليهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي، وجعلتك أول النبيين خلقاً وآخرهم مبعثاً، وآتيتك سبعاً من المثاني لم أعطها نبياً قبلك، وأعطيتك خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش لم أعطها نبياً قبلك، وجعلتك فاتحاً وخاتماً). قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه البزار ورجاله موثقون، إلا أن الربيع بن أنس قال: عن أبي العالية أو غيره، فتابعيه مجهول.

يقول العلامة المناوي في كتابه (فيض القدير شرح الجامع الصغير): جعله الله حقيقة تقصر عقولنا عن معرفتها، وأفاض عليها وصف النبوة من ذلك الوقت، ثم لما انتهى الزمان بالاسم الباطن في حقه، إلى وجود جسمه وارتباط الروح به، انتقل حكم الزمان إلى الاسم الظاهر، فظهر بكليته جسماً وروحاً. اهـ.

فالمقصود من قول المؤذن: الصلاة والسلام عليك يا أول خلق الله، أن روح رسول الله صلى الله عليه وسلم هي أول أرواح الناس خلقاً، لا الأولية على جميع المخلوقات، بدليل الحديث الشريف: (كنت أول النبيين في الخلق، وآخرهم في البعث)، والحديث الثاني: (كنت أول الناس في الخلق..)، وليس المقصود الأوليَّة على جميع المخلوقات، حيث كان أول المخلوقات القلم، كما جاء في الحديث عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ، فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى الأَبَدِ) رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، وفي رواية للترمذي أيضاَ وأبي داود: (إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ، فَقَالَ: اكْتُبْ، فَقَالَ: مَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ الْقَدَرَ مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى الأَبَدِ).

وبناء عليه:

فلا حرج من قول المؤذن هذه الجملة، وإن كان الأولى أن لا تقال هذه الجملة حسماً للجَدَل الذي انتشر بين المسلمين، وهم في غنًى عنه. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
36471 مشاهدة