أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6363 - فَأَعِدَّ لِلْفَقْرِ تِجْفَافاً

31-05-2014 56072 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح بأن من أحب سَيِّدَنا رَسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يسرع إليه الفقر؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6363
 2014-05-31

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد روى الإمام الترمذي عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا رَسُولَ الله، والله إِنِّي لَأُحِبُّكَ».

فَقَالَ: «انْظُرْ مَاذَا تَقُولُ».

قَالَ: والله إِنِّي لَأُحِبُّكَ.

فَقَالَ: «انْظُرْ مَاذَا تَقُولُ».

قَالَ: والله إِنِّي لَأُحِبُّكَ ـ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ

فَقَالَ: «إِنْ كُنْتَ تُحِبُّنِي فَأَعِدَّ لِلْفَقْرِ تِجْفَافاً، فَإِنَّ الْفَقْرَ أَسْرَعُ إِلَى مَنْ يُحِبُّنِي مِن السَّيْلِ إِلَى مُنْتَهَاهُ». وقالَ الإمام الترمذي عَنهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وقَولُ سَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَأَعِدَّ لِلْفَقْرِ تِجْفَافاً» مَعناهُ: هَيِّئ للفَقرِ صَبْراً لِتَدفَعَ بِهِ عن دِينِكَ بِقُوَّةِ يَقِينِكَ ما يُنَافِيهِ من الجَزَعِ والفَزَعِ، وقِلَّةِ القَنَاعَةِ، وعَدَمِ الرِّضا بالقِسمَةِ.

والتِّجفافُ: آلَةٌ للحَربِ يُجَلَّلُ بها الفَرَسُ لِيَقِيَهُ في الحَربِ من الجِراحِ، وكُنِيَ بالتِّجفافِ عن الصَّبْرِ لأنَّهُ يَستُرُ الفَقرَ، كما يَستُرُ التِّجفافُ البَدَنَ عن الضُّرِّ.

ومن المَعلومِ أنَّهُ من ادَّعَى الإيمانَ جَاءَتْهُ الامتِحَاناتُ، قال اللهُ تعالى: ﴿الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾.

وإنَّ أشَدَّ النَّاسِ بَلاءً الأنبِياءُ ثمَّ الأمثَلُ فالأمثَلُ.

وبناء على ذلك:

فالحَدِيثُ رَواهُ الإمامُ الترمذي، وقالَ عَنهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وعَلامَةُ اتِّباعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الابتِلاءُ، وقد يَكونُ من الابتِلاءِ الفَقرُ، لأنَّ الغِنى والفَقرَ بِيَدِ الله عزَّ وجلَّ، ولقد كَانَ سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أزهَدَ الزَّاهِدِينَ في الدُّنيا، وهوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القَائِلُ: «مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ سَارَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا» رواه الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
56072 مشاهدة