أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

341 - الاختلاف الفقهي بين الصحابة

26-10-2007 31 مشاهدة
 السؤال :
مَا صِحَّةُ القَوْلِ المَنْسُوبِ إلى سَيِّدِنَا مَالِكٍ صَاحِبِ المَذْهَبِ المَشْهُورِ، حَيْثُ سُئِلَ عَنِ اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فَقَالَ: مُخْطِئٌ وَمُصِيبٌ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 341
 2007-10-26

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَهَذَا القَوْلُ صَحِيحٌ، لِأَنَّ المَشْهُورَ عِنْدَ مَالِكٍ الحَقُّ وَاحِدٌ لَا يَتَعَدَّدُ، وَلَا يَكُونُ الشَّيْءُ حَلَالَاً وَحَرَامَاً بِآنٍ وَاحِدٍ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الفُقَهَاءِ.

وَهُنَاكَ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ الحَقَّ في مَوْضُوعٍ وَاحِدٍ قَدْ يَتَعَدَّدُ، وَاسْتَدَلَّ أَصْحَابُ هَذَا القَوْلِ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ».

فَتَخَوَّفَ نَاسٌ فَوْتَ الْوَقْتِ، فَصَلَّوْا دُونَ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَقَالَ آخَرُونَ: لَا نُصَلِّي إِلَّا حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ فَاتَنَا الْوَقْتُ.

قَالَ: فَمَا عَنَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَاحِدَاً مِنَ الْفَرِيقَيْنِ. رواه مسلم.

قَالَ أَصْحَابُ هَذَا الرَّأْيِ ـ إِنَّ الحَقَّ يَتَعَدَّدُ ـ: فَلَو كَانَ أَحَدُ الفَرِيقَيْنِ مُخْطِئَاً لَعَيَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنَّ قَوْلَ الإِمَامِ مَالِكٍ صَحِيحٌ وَلَا إِشْكَالَ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّ هَذَا لَا يَنْفِي الأَجْرَ الوَاحِدَ للمُخْطِئِ في اجْتِهَادِهِ، فَطَالَمَا أَنَّ المَسْأَلَةَ اجْتِهَادِيَّةٌ، وَبَذَلَ المُجْتَهِدُ كُلَّ ما في وُسْعِهِ، وَظَنَّ أَنَّ الحَقَّ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ، وَتَبَيَّنَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنَّهُ بَاطِلٌ، فَلَا إِثْمَ عَلَى المُجْتَهِدِ، بَلْ لَهُ أَجْرُ الاجْتِهَادِ. هذا، والله تعالى أعلم.

مُلَاحَظَةٌ هَامَّةٌ: الأَجْرُ يَكُونُ للمُجْتَهِدِ المُخْطِئِ إِذَا كَانَ عَالِمَاً بِالاجْتِهَادِ وَالسُّنَنِ وَالقِيَاسِ، أَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلَاً للاجْتِهَادِ فَهُوَ مُتَكَلِّفٌ، وَلَا يُعْذَرُ بِالخَطَأِ في الحُكْمِ، بَلْ يُخَافُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ الوِزْرَ، لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾.

وَلِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَاثْنَانِ فِي النَّارِ، فَأَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ، فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ». أخرجه أبو داود.

نَسْأَلُ اللهَ الحِفْظَ وَالسَّلَامَةَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
31 مشاهدة