أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8737 - ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ﴾

11-03-2018 2487 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قول الله تعالى: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8737
 2018-03-11

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُ اللهِ تعالى: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾. يَعْنِي كَمَا يَقُولُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في تَفْسِيرِهِ: يُخْبِرُ اللهُ عزَّ وجلَّ عَنْ عِلْمِهِ التَّامِّ المُحِيطِ بِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، جَلِيلِهَا وَحَقِيرِهَا، صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا، دَقِيقِهَا وَلَطِيفِهَا؛ لِيَحْذَرَ النَّاسُ عِلْمَهُ فِيهِمْ، فَيَسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاءِ، وَيَتَّقُوهُ حَقَّ تَقْوَاهُ، وَيُرَاقِبُوهُ مُرَاقَبَةَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَرَاهُ، فَإِنَّهُ تعالى يَعْلَمُ العَيْنَ الخَائِنَةَ وَإِنْ أَبْدَتْ أَمَانَةً، وَيَعلَمُ مَا تَنْطَوِي عَلَيْهِ خَبَايَا الصُّدُورِ مِنَ الضَّمَائِرِ وَالسَّرَائِرِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا في قَوْلِهِ: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾: هُوَ الرَّجُلُ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ، وَفِيهِمُ المَرْأَةُ الحَسْنَاءُ، أَوْ تَمُرُّ بِهِ وَبِهِمُ المَرْأَةُ الحَسْنَاءُ، فَإِذَا غَفَلُوا لَحَظَ إِلَيْهَا، فَإِذَا فَطِنُوا غَضَّ، فَإِذَا غَفَلُوا لَحَظَ، فَإِذَا فَطِنُوا غَضَّ، وَقَدِ اطَّلَعَ اللهُ تعالى مِنْ قَلْبِهِ أَنَّهُ وَدَّ لَو اطَّلَعَ عَلَى فَرْجِهَا. هَذَا أَوَّلَاً.

ثانياً: يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يُطْبَعُ المُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الخِيَانَةَ وَالكَذِبَ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَالمُرَادُ بِخَائِنَةِ الأَعْيُنِ الإِيمَاءُ بِالعَيْنِ بِمَا يُظْهِرُ خِلَافَهُ، روى الحاكم عَنْ سَعْدٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ اخْتَبَأَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَجَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَايِعْ عَبْدَ اللهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلَاثَاً، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: «أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رُشَيْدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حِينَ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ؟».

فَقَالُوا: مَا نَدْرِي يَا رَسُولَ اللهِ مَا فِي نَفْسِكَ، أَلَا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ؟

فَقَالَ: «إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ».

وبناء على ذلك:

فَاللهُ تعالى مُحِيطٌ بِجَمِيعِ الأَشْيَاءِ، وَيَعْلَمُ مَا في النُّفُوسِ ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾.

فَهُوَ تَبَارَكَ وتعالى يَعْلَمُ نَوَايَا القُلُوبِ، وَيَعْلَمُ مَا يُرِيدُ العَبْدُ مِنْ حَرَكَاتٍ وَسَكَنَاتٍ في جَمِيعِ جَوَارِحِهِ الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى الحِفْظَ وَالسَّلَامَةَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2487 مشاهدة