أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7820 - مدرس تعلق بطالبة

21-01-2017 2968 مشاهدة
 السؤال :
مدرس يقوم بتدريس الطالبات، وتعلق بفتاة حتى أشغلت قلبه وعقله، ولا يدري ماذا يصنع، فما هي النصيحة لهذا المدرس؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7820
 2017-01-21

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ الحَقِيقَةَ التي يَتَنَاسَاهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَخَاصَّةً مِنْ مُدَرِّسِينَ وَغَيْرِهِمْ، مِمَّنْ لَهُمُ اخْتِلَاطٌ مَعَ النِّسَاءِ في مُعَامَلَاتِهِمْ، أَلَا وَهِيَ أَنَّهُ لَا عِصْمَةَ لِأَحَدٍ بَعْدَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ ذَنْبُهُ وَخَطَأُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» رواه الحاكم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثانياً: مِنْ عَلَامَةِ المُتَّقِينَ أَنَّهُمْ إِذَا أَحَسُّوا بِالذَّنْبِ، وَأَحَسُّوا بِطَائِفِ الشَّيْطَانِ أَنْ يَتَذَكَّرُوا مُرَاقَبَةَ اللهِ تعالى لَهُمْ، قَالَ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ﴾.

فَالمُتَّقِي دَائِمَاً في حَالَةِ مُرَاقَبَةٍ لِنَفْسِهِ وَلِقَلْبِهِ مِنْ غِوَايَةِ الشَّيْطَانِ، لِأَنَّ الشَّيْطَانَ مُرَابِطٌ على قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، يَنْتَظِرُ فُرْصَةً وَغَفْلَةً مِنَ الإِنْسَانِ لِيُوقِعَهُ في الذَّنْبِ، فَإِذَا أَوْقَعَهُ الشَّيْطَانُ في الذَّنْبِ، بَلْ إِذَا قَرَّبَهُ مِنَ الذَّنْبِ، فَإِنَّهُ يَسْتَدْرِكُ نَفْسَهُ وَيَسْتَغْفِرُ اللهَ تعالى، وَيَرُدُّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ عَنْهُ بِالاسْتِعَاذَةِ بِاللهِ تعالى مِنْهُ.

وَأَمَّا إِخْوَانُ الشَّيَاطِينِ فَإِذَا وَقَعُوا في الذَّنْبِ، فَإِنَّ شَيَاطِينَهُمْ يَمُدُّونَهُمْ في الغَيِّ ذَنْبَاً بَعْدَ ذَنْبٍ، وَلَا يُقَصِّرُونَ عَنْهُمْ بِالإِغْوَاءِ، لِأَنَّهُمْ طَمِعُوا فِيهِمْ حِينَ رَأَوْهُمْ سَلِسِي القِيَادَةِ لَهُمْ.

ثالثاً: لَقَدْ حَذَّرَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِتْنَةِ النِّسَاءِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ» رواه الشيخان عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وبناء على ذلك:

فَعَلَى هَذَا المُدَرِّسِ أَنْ يَتُوبَ إلى اللهِ تعالى، وَيَلْتَجِئَ إِلَيْهِ بِالـتَّضَرُّعِ في أَنْ يَـصْرِفَ عَنْهُ هَذِهِ المُصِيبَةَ وَهَذِهِ المَعْصِيَةَ، وَأَنْ يَكُونَ على حَذَرٍ مِنَ الاسْتِرْسَالِ مَعَ الشَّيْطَانِ الذي يُرِيدُ غِوَايَتَهُ، وَأَنْ يُوصِلَهُ إلى سَخَطِ اللهِ تعالى وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى.

وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَذَكَّرَ هَذَا المُدَرِّسُ أَنَّهُ مُعَلِّمُ النَّاسِ الخَيْرَ، وَأَنَّهُ مُسْتَأْمَنٌ على أَعْرَاضِ المُسْلِمِينَ خَاصَّةً، وَالنَّاسِ بِشَكْلٍ عَامٍّ، فَكَيْفَ يَقَعُ في هَذِهِ الخِيَانَةِ؟

وَرَاعِي الشَّاةِ يَحْمِي الذِّئْبَ عَنْهَا   ***   فَكَيْفَ إِذَا الرُّعَاةُ لَهَا ذِئَابُ؟

وَعَلَيْهِ أَنْ يَقتَصِرَ على تَعْلِيمِ الطُّلَّابِ دُونَ الطَّالِبَاتِ، وَأَنْ يُغْلِقَ على نَفْسِهِ بَابَ الفِتْنَةِ، وَيَسُدَّ على الشَّيْطَانِ مَسَالِكَهُ إِلَيْهِ، لِيَسْلَمَ على دِينِهِ، وَإِلَّا خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلْيَذْكُرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ﴾ .

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ المُحْسِنِينَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2968 مشاهدة