أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8325 - تريد الزواج من رجل في دولة أوربية

27-09-2017 1948 مشاهدة
 السؤال :
عندي ابنة تدرس في الجامعة، وتقدم لخطبتها رجل مقيم في دولة أوربية، لم أرضَ منه ديناً ولا خُلقاً، وابنتي تريده، وتقول: أنت لست مسؤولاً عن آخرتي، وأريد الزواج منه، فماذا أفعل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8325
 2017-09-27

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: تَذَكَّرْ أَنْتَ وَزَوجَتُكَ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ـ وَعَدَّ مِنْهُمْ ـ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْهُمْ» رواه الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ عَنْ نِدَاءِ اللهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارَاً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.

ثانياً: تَذَكَّرُوا حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

فَأَنْتَ يَا أَيُّهَا الأَبُ المُخَاطَبُ بِذَلِكَ، وَلَا نِكَاحَ إِلَّا بِمُوَافَقَتِكَ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيِّ» رواه الحاكم وأبو داود والترمذي عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَلْتَذْكُرِ ابْنَتُكَ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: « «لَا تُزَوِّجُ المَرْأَةُ المَرْأَةَ، وَلَا تُزَوِّجُ المَرْأَةُ نَفْسَهَا، فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا» رواه ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثالثاً: وَاجِبٌ عَلَيْكَ وَعَلَى زَوْجَتِكَ الإِحْسَانُ لابْنَتِكَ، وَذَكِّرَاهَا بِاللهِ تعالى وَاليَوْمِ الآخِرِ بِأُسْلُوبٍ حَكِيمٍ ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلَاً لَيِّنَاً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾.

ذَكِّرَاهَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ، فَآثِرُوا مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى» رواه الإمام أحمد والحاكم عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَذَكِّرَاهَا بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾.

وَبِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكَاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.

وبناء على ذلك:

اسْتَغْفِرِ اللهَ تعالى أَنْتَ وَزَوْجَتُكَ، لِأَنَّهُ في ظَاهِرِ الأَمْرِ وَاللهُ تعالى أَعْلَمُ، لَمْ تَكُنْ عِنْدَكُمُ المُتَابَعَةُ الصَّحِيحَةُ في تَرْبِيَةِ الوَلَدِ ـ وَهَذَا ظَنٌّ، وَاللهُ تعالى أَعْلَمُ بِالحَقِيقَةِ ـ.

وَعَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ وَالمُصَابَرَةِ وَالنُّصْحِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّلَطُّفِ مَعَهَا، وَعَدَمِ المُوَافَقَةِ عَلَى هَذَا الزَّوَاجِ، وَخَاصَّةً إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا الالْتِزَامُ الكَامِلُ، لِأَنَّ ذَهَابَهَا إلى تِلْكَ البِلَادِ، مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ الخَاطِبِ بِالدِّينِ وَالخُلُقِ قَدْ يَكُونُ سَبَبَاً في ضَيَاعِ دِينِهَا وَدُنْيَاهَا، وَعَلَيْهَا أَنْ لَا تَغْتَرَّ بِمَظَاهِرِ الغَرْبِ، فَحَيَاتُهُمْ حَيَاةُ شَقَاءٍ وَضَنْكٍ، وَلَا أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَنَّ أَعْلَى نِسْبَةٍ للانْتِحَارِ في العَالَمِ هِيَ في أَرْقَى الدُّوَلِ مَادِّيَّاً. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1948 مشاهدة