أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

9398 - شبهة المساواة بين الكلب والمرأة

20-01-2019 703 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح أنه جاء في الحديث الشريف بأن سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سوَّى بين الكلب والمرأة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9398
 2019-01-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: هَلْ مِنَ المَعْقُولِ أَنْ يَخْطُرَ في بَالِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ هَذَا الخَاطِرُ، وَخَاصَّةً بَعْدَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبَاً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾؟

هَلْ مِنَ المَعْقُولِ أَنْ يَخْطُرَ في بَالِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ هَذَا الخَاطِرُ وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى»؟ رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي نَضْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

هَلْ مِنَ المَعْقُولِ أَنْ يَخْطُرَ في بَالِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ هَذَا الخَاطِرُ وَاللهُ تعالى يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرَاً مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرَاً مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾؟

هَلْ مِنَ المَعْقُولِ أَنْ يَخْطُرَ في بَالِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ هَذَا الخَاطِرُ وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانَاً؛ المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ»؟ رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثانياً: روى الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الكَلْبُ وَالحِمَارُ وَالمَرْأَةُ، فَقَالَتْ: شَبَّهْتُمُونَا بِالحُمُرِ وَالكِلَابِ، وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَإِنِّي عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ مُضْطَجِعَةً، فَتَبْدُو لِي الحَاجَةُ، فَأَكْرَهُ أَنْ أَجْلِسَ، فَأُوذِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْسَلُّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ.

وفي رِوَايَةٍ للإمام مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَإِنَّهُ يَسْتُرُهُ إِذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ الْحِمَارُ، وَالمَرْأَةُ، وَالكَلْبُ الأَسْوَدُ».

قُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا بَالُ الكَلْبِ الأَسْوَدِ مِنَ الكَلْبِ الأَحْمَرِ مِنَ الكَلْبِ الأَصْفَرِ؟

قَالَ: يَا بنَ أَخِي، سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ: «الكَلْبُ الأَسْوَدُ شَيْطَانٌ».

هَذَا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ يُذْكَرُ فِيهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَهُوَ قَطْعُ صَلَاةِ المُصَلِّي إِذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ كَلْبٌ أَو حِمَارٌ أَو امْرَأَةٌ.

وَسَبَبُ قَطْعِ هَؤُلَاءِ صَلَاةَ المُصَلِّي هُوَ انْشِغَالُ الرَّجُلِ بِهِمْ، فَالمَرْأَةُ قَدْ تَكُونُ سَبَبَاً لِفِتْنَتِهِ وَهُوَ في الصَّلَاةِ، وَالكَلْبُ وَخَاصَّةً الأَسْوَدَ هُوَ شَيْطَانٌ، وَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ للحِمَارِ كَأَنَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّيْطَانِ عَلَاقَةٌ، روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكَاً، وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهُ رَأَى شَيْطَانَاً».

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَمَعَاذَ اللهِ تعالى أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُسَاوِي بَيْنَ الكَلْبِ وَالمَرْأَةِ، وَهُوَ الذي جَاءَ بِتَكْرِيمِ المَرْأَةِ وَتَعْظِيمِهَا وَرَفْعِ شَأْنِهَا، وَأَوْصَى بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَأَمَّا الحَدِيثُ المَذْكُورُ فَهُوَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَتَعَلَّقُ بِقَطْعِ صَلَاةِ العَبْدِ إِذَا مَرَّ أَمَامَهُ كَلْبٌ أَو حِمَارٌ أَو امْرَأَةٌ.

وَإِنْكَارُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا هُوَ إِنْكَارُ الحُكْمِ، لِأَنَّهَا تَرَى الحَدِيثَ الشَّرِيفَ مَنْسُوخَاً، لذَلِكَ قَالَتْ: شَبَّهْتُمُونَا بِالحُمُرِ وَالكِلَابِ، وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَإِنِّي عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ مُضْطَجِعَةً، فَتَبْدُو لِي الحَاجَةُ، فَأَكْرَهُ أَنْ أَجْلِسَ، فَأُوذِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْسَلُّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ.

وَأَمَّا بِالنِّسبَةِ لِحُكْمِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِمُرُورِ أَحَدٍ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي، فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِمُرُورِ شَيْءٍ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي، وَقَالُوا إِنَّ المُرَادَ بِقَطْعِ الصَّلَاةِ بِمُرُورِ شَيْءٍ إِنَّمَا هُوَ نَقْصُ الصَّلَاةِ لِشَغْلِ قَلْبِ المُصَلِّي بِمَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَيْسَ المُرَادُ إِبْطَالَ الصَّلَاةِ.

وَمَنْ زَعَمَ بِأَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَوَّى بَيْنَ المَرْأَةِ وَالكَلْبِ فَقَدْ أَعْظَمَ الفِرْيَةَ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
703 مشاهدة