أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6212 - البيع بالتقسيط مع زيادة الثمن عند المالكية

19-03-2014 37760 مشاهدة
 السؤال :
هل يجوز البيع بالتقسيط مع زيادة الثمن عند المالكية؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6212
 2014-03-19

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: إنَّ البَيعَ بِثَمَنٍ آجِلٍ مَعلومِ القَدْرِ، والأجَلُ مُتَّفَقٌ على جَوازِهِ من حَيثُ الجُملَةِ، لا خِلافَ فيهِ بَينَ الفُقَهاءِ، وذلكَ لِقَولِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمَّىً فَاكْتُبُوهُ﴾. ولِقَولِهِ تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ﴾. ولِقَولِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ﴾.

فهذهِ الآياتُ تَدُلُّ على جَوازِ البَيعِ إذا حَصَلَ بالتَّرَاضِي من الطَّرَفَينِ، فإذا رَضِيَ المُشتَرِي بالزِّيادَةِ في الثَّمَنِ مُقابِلَ الأجَلِ كانَ البَيعُ صَحيحاً، بِشَرطِ أن لا يَكونَ العِوَضانِ مِمَّا يَجري بَينَهُما رِبا النَّسيئَةِ كالذَّهَبِ بالذَّهَبِ.

ثانياً: روى الشيخان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها قَالَتْ: اشْتَرَى رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَاماً، وَرَهَنَهُ دِرْعاً مِنْ حَدِيدٍ.

وهذا يَدُلُّ على جَوازِ البَيعِ مَعَ تَأجيلِ الثَّمَنِ، وبَيعُ التَّقسيطِ ما هوَ إلا بَيعٌ مُؤَجَّلُ الثَّمَنِ، غَايَةُ ما فيهِ أنَّ ثَمَنَهُ مُقَسَّطٌ أقساطاً، لِكُلِّ قِسطٍ منها أجَلٌ مَعلومٌ.

ثالثاً: هذهِ النُّصوصُ وإن وَرَدَت بِجَوازِ تَأجيلِ الثَّمَنِ، إلا أنَّهُ لم يَرِدْ في النُّصوصِ جَوازُ زِيادَةِ الثَّمَنِ من أجلِ التَّأجيلِ، ولهذا اختَلَفَ الفُقَهاءُ في حُكمِ هذهِ المَسألَةِ.

فَذَهَبَ جُمهورُ الفُقَهاءِ ومنهُمُ الأئِمَّةُ الأربَعَةُ إلى جَوازِهِ، وذَهَبَ القِلَّةُ من العُلَماءِ إلى تَحريمِهِ.

وبناء على ذلك:

فَبَيعُ التَّقسيطِ مَعَ زِيادَةِ الثَّمَنِ جَائِزٌ عِندَ الأئِمَّةِ الأربَعَةِ بِلا خِلافٍ، بِشَرطِ أن يَكونَ اختِيارُ الثَّمَنِ غَيرَ مُلزِمٍ للمُشتَري، وإلا فلا يَجوزُ، كما جاءَ في حَاشِيَةِ الدَّسوقي ـ في الفِقهِ المالِكِيِّ ـ: يَبِيعُهَا بِإِلْزَامٍ بِعَشَرَةٍ نَقْداً، أَوْ أَكْثَرَ لِأَجَلٍ، وَيَخْتَارُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ وَقَعَ لَا عَلَى الْإِلْزَامِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت بِكَذَا، فَلَا مَنْعَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
37760 مشاهدة