أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6661 - هل يؤخذ الأبناء بذنوب الآباء؟

30-12-2014 3609 مشاهدة
 السؤال :
هل يؤخذ الأبناء بذنوب الآباء يوم القيامة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6661
 2014-12-30

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾. ويَقُولُ: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾. ويَقُولُ: ﴿كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾.

فاللهُ تعالى لا يَظْلِمُ أَحَدَاً فَيُعَاقِبُهُ بِمَا جَنَاهُ غَيرُهُ، وهذا مُتَّفَقٌ عَلَيهِ في يَومِ القِيَامَةِ عِندَمَا يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ.

ثانياً: أمَّا في الحَيَاةِ الدُّنيَا فقد يُؤخَذُ البَرِيءُ بِسَبَبِ مَعصِيَةِ غَيرِهِ، عِندَمَا يَكُونُ العِقَابُ عَامَّاً، كَالخَسْفِ والزِّلزَالِ بِسَبَبِ شُيُوعِ المَعَاصِي، روى الإمام البخاري عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِن الْأَرْضِ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ».

قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ، وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ؟

قَالَ: «يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ».

فالأَبنَاءُ وغَيرُهُم يُؤخَذُونَ بِذُنُوبِ آبَائِهِم ومُجرِمِيهِم إذا كَثُرَ الفَسَادُ، وذلكَ في عِقَابِ الدُّنيَا، وسَيُعَوِّضُ اللهُ تعالى الأَبرِيَاءَ خَيرَاً في الآخِرَةِ.

وبناء على ذلك:

فالأَبنَاءُ لا يُؤخَذُونَ بِذُنُوبِ الآبَاءِ يَومَ القِيَامَةِ، مَا دَامُوا غَيرَ رَاضِينَ بِذُنُوبِ آبَائِهِم.

أمَّا في الحَيَاةِ الدُّنيَا فقد يُؤخَذُونَ بِذُنُوبِ آبَائِهِم، ويُبعَثُونَ يَومَ القِيَامَةِ على نِيَّاتِهِم، وذَلِكَ لِقَولِهِ تَعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾. فَالبَلاءُ يَعُمُّ الجَمِيعَ إِذَا كَانَ الصَّالِحُونَ لَا يَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ، ولا يَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ، واقتَصَرُوا عَلَى صَلَاحِ أنفُسِهِم دُونَ إصلَاحِ الآخَرِينَ، وقَد جَاءَ فِي الأَثَرِ أَنَّ اللهَ سُبحَانَهُ وَتَعَالى أَرسَلَ المَلَائِكَةَ لِيُدَمِّرُوا قَريَةً فَقَالُوا: يَا رَبِّ إنَّ فِيهَا رَجُلاً صَالِحاً، فَقَالَ جَلَّ فِي عُلَاهُ: بِهِ فَابدَؤُوا.

قَالُوا: لِمَ يَا رَب؟

 

قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: لِأَنَّ وَجهَهُ لَم يَكُن يَتَمَعَّرُ ـ يَتَغَيَّرُ ـ إذَا رَأَى مُنكَراً. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3609 مشاهدة