أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7688 - العفو والغفور

09-11-2016 2198 مشاهدة
 السؤال :
من أسماء الله تعالى الحسنى العفو والغفور، ما هو الفارق بينهما؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7688
 2016-11-09

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَمِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تعالى الغَفُورُ الغَفَّارُ الغَافِرُ، وَهِيَ مِنْ أَسْمَاءِ المُبَالَغَةِ؛ وَمَعْنَاهَا: السَّاتِرُ لِذُنُوبِ العِبَادِ، المُتَجَاوِزُ عَنْ خَطَايَاهُمْ وَذُنُوبِهِمْ، وَلَا يَسْتُرُهَا فَقَطْ، بَلْ يَتَجَاوَزُ عَنْهَا وَيَغْفِرُهَا، وَيُبَدِّلُهَا حَسَنَاتٍ.

روى الشيخان عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ المَازِنِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا آخِذٌ بِيَدِهِ، إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ، فَقَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى؟

فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ».

وَالذي يُؤَكِّدُ هَذَا المَعْنَى قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهْتَدَى﴾. وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلَاً صَالِحَاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورَاً رَحِيمَاً﴾.

وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَبَارَكَ وتعالى العَفُوُّ، وَاسْمُ العَفُوِّ مَأْخُوذٌ مِنْ عَفَا يَعْفُو، وَهُوَ زَوَالُ الشَّيْءِ وَذَهَابُهُ وَمَحْوُهُ، فَاللهُ تعالى عَفُوٌّ، يَعْنِي: يَتَجَاوَزُ عَنِ الذَّنْبِ وَيَتْرُكُ العِقَابَ عَلَيْهِ، وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الحاكم عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَلُوا اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ، وَالْيَقِينَ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ، فَإِنَّهُ مَا أُوتِي الْعَبْدُ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرَاً مِنَ الْعَافِيَةِ».

فَالعَفْوُ: هُوَ مَحْوُ الذُّنُوبِ؛ وَالعَافِيَةُ: هِيَ أَنْ تَسْلَمَ مِنَ الأَسْقَامِ وَالبَلَايَا، وَهِيَ الصِّحَّةُ؛ وَالمُعَافَاةُ: هِيَ أَنْ يُعَافِيَكَ اللهُ تعالى مِنَ النَّاسِ، وَيُعَافِيَهُمْ مِنْكَ، أَيْ: يُغْنِيكَ عَنْهُمْ وَيُغْنِيهِمْ عَنْكَ، وَيَصْرِفَ أَذَاكَ عَنْهُمْ، وَأَذَاهُمْ عَنْكَ.

وبناء على ذلك:

فَالغَفَّارُ هُوَ الذي يَسْتُرُ الذَّنْبَ وَيَغْفِرُهُ، وَيُبَدِّلُ السَّيِّئَاتِ حَسَنَاتٍ؛ أَمَّا العَفُوُّ، فَهُوَ الذي يَعْفُو عَنِ الذَّنْبِ، وَيَتْرُكُ العِقَابَ عَلَيْهِ، وَلَا يَقْتَضِي الثَّوَابَ، فَقَدْ يَعْفُو، وَلَكِنْ لَا يُثِيبُ.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى العَفْوَ وَالعَافِيَةَ وَالمُعَافَاةَ وَالمَغْفِرَةَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2198 مشاهدة