أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5855 - دليل الحنفية على عدم القراءة

17-05-2013 20255 مشاهدة
 السؤال :
ما هو دليل السادة الحنفية على عدم وجوب القراءة للمقتدي في الصلاة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5855
 2013-05-17

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالقراءَةُ في الصَّلاةِ رُكنٌ من أركانِ الصَّلاةِ في جميعِ رَكَعاتِ النَّفلِ والوِترِ، وفي الرَّكعَتَينِ الأولَيَينِ من الفرضِ للإمامِ والمنفَرِدِ، قال تعالى: ﴿فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾.

ولقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةٍ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

أمَّا بالنِّسبَةِ للمقتَدي، فالقراءَةُ في حَقِّهِ مَكروهَةٌ، وذلكَ لقولِهِ تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون﴾.

ويقولُ الإمامُ أحمد: أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي الصَّلَاةِ. اهـ.

وهيَ تَأمُرُ بالاستِماعِ والإنصاتِ، والاستِماعُ خاصٌّ بالجَهرِيَّةِ، والإِنصاتُ يَعُمُّ السِّرِّيَّةَ والجَهرِيَّةَ.

وروى الدارقطني عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهُما قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَخَلْفَهُ رَجُلٌ يَقْرَأُ، فَنَهَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ تَنَازَعَا، فَقَالَ: أَتَنْهَانِي عَنِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

فَتَنَازَعَا حَتَّى بَلَغَ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى خَلْفَ إِمَامٍ، فَإِنَّ قِرَاءَتَهُ لَهُ قِرَاءَةٌ».

وروى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا».

وفي روايةٍ للإمام مسلم عَنْ قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا».

وروى الإمام مسلم أيضاً عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ، فَجَعَلَ رَجُلٌ يَقْرَأُ خَلْفَهُ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «أَيُّكُمْ قَرَأَ؟ ـ أَوْ أَيُّكُمْ الْقَارِئُ؟ ـ».

فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا.

فَقَالَ: «قَدْ ظَنَنْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا». أي: نَازَعَنِيهَا.

وفي روايةٍ لأبي داوود عن عُبَادَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ الصَّلَوَاتِ الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، فَالْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ وَقَالَ: «هَلْ تَقْرَؤُونَ إِذَا جَهَرْتُ بِالْقِرَاءَةِ؟».

فَقَالَ بَعْضُنَا: إِنَّا نَصْنَعُ ذَلِكَ.

قَالَ: «فَلَا، وَأَنَا أَقُولُ مَا لِي يُنَازِعُنِي الْقُرْآنُ، فَلَا تَقْرَؤُوا بِشَيْءٍ مِن الْقُرْآنِ إِذَا جَهَرْتُ، إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ».

وبناء على ذلك:

فالقِرَاءَةُ للمُقتَدِي في الصَّلاةِ مَكرُوُهَةٌ تحريماً، سَواءٌ في السِّرِّيَّةِ أو في الجَهرِيَّةِ، لأنَّهُ ثَبَتَ بأنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنكَرَ على من قَرَأَ خَلفَهُ في صلاةِ الظُّهرِ، ففي الجَهرِيَّةِ أولى. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
20255 مشاهدة