136- نحو أسرة مسلمة: الكريم من أكرمها، واللئيم من أهانها

136- نحو أسرة مسلمة: الكريم من أكرمها، واللئيم من أهانها

نحو أسرة مسلمة

136ـ الكريم من أكرمها، واللئيم من أهانها

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: إِنَّ العَلَاقَةَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ ثَابِتَةً وَقَوِيَّةً وَمَتِينَةً، وَلَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ إلا إِذَا كَانَتْ قَائِمَةً على التَّفَاهُمِ وَالتَّعَاوُنِ وَالتَّكَامُلِ فِيمَا بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ القُرْآنِ العَظِيمِ، وَمِنْ خِلَالِ هَدْيِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا قَامَتْ على هَذَا الأَسَاسِ فَإِنَّ المَوَدَّةَ وَالرَّحْمَةَ تَزْدَادُ بَيْنَهُمَا وَتَدُومُ، وَإِنَّ السَّكَنَ يَتَحَقَّقُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا.

لِهَذَا خَاطَبَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَوْلِيَاءَ البَنَاتِ بِقَوْلِهِ: «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

لِأَنَّ صَاحِبَ الدِّينِ وَالخُلُقِ يَعْلَمُ بِأَنَّ الزَّوَاجَ مَوَدَّةٌ وَرَحْمَةٌ، وَيَعْلَمُ بِأَنَّهُ يَعِيشُ مَعَ امْرَأَةٍ تُسَيْطِرُ عَلَيْهَا المَشَاعِرُ وَالعَوَاطِفُ وَالأَحَاسِيسُ، فَهُوَ يَتَوَدَّدُ إِلَيْهَا بأَلْطَفِ العِبَارَاتِ، وَيُخَاطِبُهَا بِأَفْضَلِ الأَلْفَاظِ، وَيشْعِرُهَا بِعِظَمِ قِيمَتِهَا في حَيَاتِهِ، وَيَأْخُذُ بِمَشُورَتِهَا في بَعْضِ الأُمُورِ، وَلَا يَتَعَامَلُ مَعَهَا بِجَفَاءٍ وَغِلْظَةٍ وَفَظَاظَةٍ، لِئَلَّا تَسْتَحِيلَ حَيَاتُهَا إلى عَذَابٍ وَشَقَاءٍ، وَلَا يُدْخِلُ مَعَهَا في حَيَاتِهَا امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً مِنْ خِلَالِ الحَدِيثِ مَعَهَا وَالصِّلَاتِ غَيْرِ الشَّرْعِيَّةِ؛ صَاحِبُ الدِّينِ وَالخُلُقِ يَكُونُ حَرِيصَاً كُلَّ الحِرْصِ على قَلْبِ زَوْجَتِهِ مِنْ أَنْ ينْكَسِرَ، لِأَنَّهُ سَمِعَ وَصِيَّةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالنِّسَاءِ، عِنْدَمَا قَالَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَعِنْدَمَا قَالَ: «رُوَيْدَاً سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ» رواه الشيخان عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: سَأَلَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ أَحَدَ المَجُوسِ: أَيَّ النِّسَاءِ أَنْكِحُ؟

فَقَالَ لَهُ: لَقَدْ كَانَتِ المَرْأَةُ تُنْكَحُ في الجَاهِلِيَّةِ للنَّسَبِ، وَعِنْدَ النَّصَارَى تُنْكَحُ للجَمَالِ، وَعِنْدَ اليَهُودِ تُنْكَحُ للمَالِ، وَعِنْدَ نَبِيِّكُمْ تُنْكَحُ للدِّينِ؛ فَاخْتَرْ أَنْتَ مَنْ تَشَاءُ.

فَيَا مَنِ اخْتَرْتَ صَاحِبَةَ الدِّينِ وَالخُلُقِ، أَحْسِنْ لِزَوْجَتِكَ، وَأَكْرِمْهَا، وَتَعَامَلْ مَعَهَا كَمَا كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَتَعَامَلُ مَعَ نِسَائِهِ.

وَيَا مَنْ تَدَّعِي مَحَبَّةَ اللهِ تعالى وَمَحَبَّةَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَظْهِرِ البُرْهَانَ على صِدْقِ دَعْوَاكَ مِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. فَصِدْقُ المَحَبَّةِ في صِدْقِ الاتِّبَاعِ.

«خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ»:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: بِكُلِّ أَسَفٍ قَدْ نَجِدُ إِنْسَانَاً مُسْلِمَاً حَسَنَ الخُلُقِ، بَسَّامَاً ضَحَّاكَاً خَارِجَ بَيْتِهِ مَعَ أَصْحَابِهِ وَأَصْدِقَائِهِ، وَلَكِنَّهُ إِذَا دَخَلَ إلى البَيْتِ رُئِيَ الغَضَبُ في وَجْهِهِ، وَلَا يَعْرِفُ كَيْفَ تَكُونُ الابْتِسَامَةُ، مَعَ أَنَّهُ سَمِعَ حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ (أَسْرَى فِي أَيْدِيكُمْ)» رواه الترمذي عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَحْوَصِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

فَالمَرْأَةُ كَأَنَّهَا أَسِيرَةٌ عِنْدَ الزَّوْجِ، فَالكَرِيمُ مَنْ أَكْرَمَهَا، وَاللَّئِيمُ مَنْ أَهَانَهَا، الكَرِيمُ مَنْ سَمِعَ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» رواه الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا. ثمَّ حَقَّقَ هَذِهِ الخَيْرِيَّةَ لِأَهْلِهِ.

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: البُيُوتُ تَتَصَدَّعُ اليَوْمَ بِسَبَبِ عَدَمِ الثِّقَةِ، بِسَبَبِ عَدَمِ الوُدِّ وَالوِئَامِ وَالمُعَامَلَةِ المَبْنِيَّةِ على التَّفَاهُمِ وَالحِوَارِ، وَعَدَمِ تَهْمِيشِ الآخَرِ.

المَرْأَةُ اليَوْمَ تَحْتَاجُ إلى مُدَارَاةٍ وَلُطْفٍ في التَّعَامُلِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْـمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَالاعْوِجَاجُ فِيهَا كَمَالٌ وَلَيْسَ نَقْصَاً، فَهِيَ صَاحِبَةُ عَاطِفَةٍ أَوْسَعُ مِنْ عَقْلِهَا، وَلَوْ أَنَّ المَرْأَةَ صَارَتْ كَالرَّجُلِ لَطَلَّقَهَا الرَّجُلُ.

أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَانَاً أَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: حُسْنُ العِشْرَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنْ أَهَمِّ الرَّكَائِزِ التي يُؤَكِّدُ عَلَيْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبِهَا تَعِيشُ الأُسْرَةُ في وُدٍّ وَسَلَامٍ وَصَفَاءٍ وَوِئَامٍ، روى الترمذي والحاكم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَكْمَلِ المُؤْمِنِينَ إِيمَانَاً أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ».

فَالدَّعْوَةُ إلى التَّآلُفِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَتَقْوِيَةُ الصِّلَةِ وَالرَّوَابِطِ بَيْنَهُمَا، مِنْ أَهَمِّ مَا أَكَّدَ عَلَيْهِ الشَّرْعُ الحَنِيفُ، وَذَلِكَ ضَمَانَاً لِصِيَانَةِ الأُسْرَةِ مِنَ التَّفَكُّكِ وَالانْشِقَاقِ وَالتَّمَزُّقِ وَالافْتِرَاقِ.

مِنْ هَذَا المُنْطَلَقِ يُذَكِّرُنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِاسْتِحْضَارِ مَحَاسِنِ المَرْأَةِ إِنْ زَلَّتْ وَأَخْطَأَتْ، فَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْرَكْ (لَا يُبْغِضْ) مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقَاً رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

على الرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ عَاقِلَاً حَلِيمَاً، وَأَنْ يَسْتَحْضِرَ الصِّفَاتِ الإِيجَابِيَّةَ مِنَ المَرْأَةِ التي تُغَطِّي زَلَّتَهَا، وَتَمْحُو أَخْطَاءَهَا، روى الإمام أحمد عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَكْمَلُ الْـمُؤْمِنِينَ إِيمَانَاً أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِكُمْ».

سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في بَيْتِهِ:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لِنَنْظُرْ إلى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ في بَيْتِهِ، وَلَنَا الأُسْوَةُ وَالقُدْوَةُ فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، روى الإمام أحمد أَنَّ رَجُلَاً سَأَلَ عَائِشَةَ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ شَيْئَاً؟

قَالَتْ: نَعَمْ، كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ.

وَلْنَنْظُرْ إلى هَذِهِ الصُّورَةِ في حَيَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، روى الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَتْ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَأَنَا جَارِيَةٌ لَمْ أَحْمِلِ اللَّحْمَ وَلَمْ أَبْدُنْ.

فَقَالَ لِلنَّاسِ: «تَقَدَّمُوا» فَتَقَدَّمُوا؛ ثُمَّ قَالَ لِي: «تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ».

فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ، فَسَكَتَ عَنِّي، حَتَّى إِذَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ وَبَدُنْتُ وَنَسِيتُ، خَرَجْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: «تَقَدَّمُوا» فَتَقَدَّمُوا؛ ثُمَّ قَالَ: «تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ».

فَسَابَقْتُهُ، فَسَبَقَنِي، فَجَعَلَ يَضْحَكُ، وَهُوَ يَقُولُ: «هَذِهِ بِتِلْكَ».

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لِنَتَعَلَّمْ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَنَّ التَّعَامُلِ مَعَ الزَّوْجَةِ، وَكَيْفَ تَكُونُ المُرَاعَاةُ لِشُعُورِهَا وَنَفْسِيَّتِهَا، روى الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَعْرِفُ غَضَبَكِ وَرِضَاكِ».

قَالَتْ: قُلْتُ: وَكَيْفَ تَعْرِفُ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «إِنَّكِ إِذَا كُنْتِ رَاضِيَةً قُلْتِ: بَلَى وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ سَاخِطَةً قُلْتِ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ».

قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ، لَسْتُ أُهَاجِرُ إِلَّا اسْمَكَ.

إِنَّهَا دِقَّةُ المُرَاقَبَةِ مِنَ الزَّوْجِ الكَرِيمِ، وَحُسْنُ أَدَبِ الزَّوْجِ في سَاعَةِ الغَضَبِ، فَاللهَ اللهَ في المُعَاشَرَةِ بِالمَعْرُوفِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَيَجِبُ على الرَّجُلِ أَنْ يُنَافِسَ زَوْجَتَهُ في حُسْنِ الأَخْلَاقِ، وَلْيَكُنْ على حَذَرٍ مِنْ أَنْ تَكُونَ هِيَ أَقْرَبَ إلى اللهِ تعالى وإلى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، وَذَلِكَ بِحُسْنِ أَخْلَاقِهَا، وَلْتَكُنِ المَرْأَةُ على حَذَرٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا أقْرَبَ إلى اللهِ تعالى وإلى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا، وَلْيَذْكُرْ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْـمُتَنَافِسُونَ﴾.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: بُيُوتُ المُسْلِمِينَ يَجِبُ أَنْ لَا تَعْرِفَ المَشَاكِلَ، وَلَا تَعْرِفَ تَنْغِيصَ العَيْشِ، لِأَنَّهَا إِذَا اخْتَلَفَتْ في أَمْرٍ مَا فَعِنْدَهَا كِتَابُ اللهِ تعالى، وَسُنَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَفِيهِمَا الدَّوَاءُ الشَّافِي، وَالعِلَاجُ الكَافِي.

نَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَنَا المُعَاشَرَةَ التي تُرْضِيهِ جَلَّ وَعَلَا عَنَّا، وَنَعُوذُ بِاللهِ تعالى أَنْ يَطَّلِعَ على عَوْرَةٍ مِنَّا تُغْضِبُهُ في عِشْرَةِ الأَهْلِ. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الأحد: 26/ شوال /1437هـ، الموافق: 31/ تموز / 2016م

 2016-07-31
 1130
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  نحو أسرة مسلمة

28-01-2018 4263 مشاهدة
200ـ نحو أسرة مسلمة: اللَّهُمَّ فهمنيها

لِتَحْقِيقِ السَّعَادَةِ في حَيَاتِنَا الأُسَرِيَّةِ لَا بُدَّ مِنَ التَّعَامُلِ مَعَ القُرْآنِ العَظِيمِ تَعَامُلَاً صَحِيحَاً، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِالتِّلَاوَةِ مَعَ التَّدَبُّرِ، قَالَ تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ... المزيد

 28-01-2018
 
 4263
21-01-2018 5113 مشاهدة
199ـ نحو أسرة مسلمة :مفتاح سعادتنا بأيدينا

كُلَّمَا تَذَكَّرْنَا يَوْمَ الحِسَابِ، يَوْمَ العَرْضِ عَلَى اللهِ تعالى، يَوْمَ نَقِفُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى حُفَاةً عُرَاةً غُرْلَاً، وَكُلَّمَا تَذَكَّرْنَا الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَنَعِيمَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَعَذَابَ أَهْلِ النَّارِ، ... المزيد

 21-01-2018
 
 5113
14-01-2018 3722 مشاهدة
198ـنحو أسرة مسلمة : بعد كل امتحان ستعلن النتائج

صَلَاحُ أُسَرِنَا لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا عَرَفَ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الغَايَةَ مِنْ وُجُودِهِ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا؛ الكَثِيرُ مِنَ الأَزْوَاجِ مِمَّنْ دَخَلَ الدُّنْيَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي وَلَا يَعْلَمُ لِمَاذَا ... المزيد

 14-01-2018
 
 3722
08-01-2018 4292 مشاهدة
197ـنحو أسرة مسلمة: وصية الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لنا

القُرْآنُ العَظِيمُ الذي أَكْرَمَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، وَاصْطَفَانَا لِوِرَاثَتِهِ هُوَ مَصْدَرُ سَعَادَتِنَا في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَمَنْ أَرَادَ السَّعَادَةَ في حَيَاتِهِ الزَّوْجِيَّةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَعَلَيْهِ ... المزيد

 08-01-2018
 
 4292
31-12-2017 4326 مشاهدة
196ـ نحو أسرة مسلمة :دمار الأسر بسبب الفسق والفجور

إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ شَقَاءِ البُيُوتِ، وَكَثْرَةِ الخِلَافَاتِ بَيْنَ الأَزْوَاجِ، المَعَاصِيَ وَالمُنْكَرَاتِ، التي تُنَكِّسُ الرُّؤُوسَ في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ، وَالتي تُسْلِمُ إلى مُقَاسَاةِ العَذَابِ الأَلِيمِ في الدُّنْيَا قَبْلَ ... المزيد

 31-12-2017
 
 4326
24-12-2017 4115 مشاهدة
195ـنحو أسرة مسلمة : أين بيوتنا من تلاوة القرآن؟

سِرُّ سَعَادَتِنَا في حَيَاتِنَا الزَّوْجِيَّةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَحَوُّلِنَا مِنَ الشَّقَاءِ إلى السَّعَادَةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ هِدَايَتِنَا مِنَ الضَّلَالِ إلى الهُدَى القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَمَاسُكِ أُسَرِنَا ... المزيد

 24-12-2017
 
 4115

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413341588
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :