169ـ نحو أسرة مسلمة: زينة المرأة الحياء

169ـ نحو أسرة مسلمة: زينة المرأة الحياء

 

نحو أسرة مسلمة

169ـ زينة المرأة الحياء

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: خُلُقُ الحَيَاءِ مِنْ أَفْضَلِ الأَخْلَاقِ وَأَجَلِّهَا وَأَعْظَمِهَا قَدْرَاً، وَأَكْثَرِهَا نَفْعَاً، وَمَنْ فَقَدَ الحَيَاءَ فَقَدَ الإِنْسَانِيَّةَ، وَفَقَدَ الخَيْرَ، روى الشيخان عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ».

وَرَحِمَ اللهُ تعالى مَنْ قَالَ:

إِذَا لَمْ تَخْـشَ عَـاقِـبَـةَ اللَّيَالِي   ***   وَلَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا تَشَاءُ

فَلَا وَاللهِ مَا فِي الْعَيْشِ خَـيْرٌ   ***   وَلَا الدُّنْيَا إِذَا ذَهَـبَ الْحَيَـاءُ

يَعِيشُ المَرْءُ مَا اسْتَحْيَا بِخَيْرٍ   ***   وَيَبْقَى الْعُودُ مَا بَقِيَ اللِّحَاءُ

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: زَينَةُ المَرْأَةِ الحَيَاءُ، وَجَمَالُهَا الحَقِيقِيُّ هُوَ جَمَالُ الأَخْلَاقِ وَالأَدَبِ، وَلَيْسَ جَمَالَ اللِّبَاسِ وَالشَّكْلِ مَعَ قِلَّةِ الحَيَاءِ، وَضَيَاعِ القِيَمِ وَالأَخْلَاقِ.

فَتَبَسَّمَتْ فَاطِمَةُ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ أَسْبَابِ اسْتِقْرَارِ الحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ أَنْ تَتَحَلَّى المَرْأَةُ بِخُلُقِ الحَيَاءِ، فَتَحْفَظَ الرَأْسَ وَمَا وَعَى، وَالبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَتَذْكُرَ المَوْتَ وَالبِلَى.

مِنْ أَسْبَابِ اسْتِقْرَارِ الحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ أَنْ تَتَأَسَّى المَرْأَةُ المُسْلِمَةُ بِأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ وَبِبَنَاتِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبِنِسَاءِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ.

روى الحاكم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدْ مَرِضَتْ فَاطِمَةُ مَرَضَاً شَدِيدَاً فَقَالَتْ لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ: أَلَا تَرَيْنَ إِلَى مَا بَلَغْتُ أُحْمَلُ عَلَى السَّرِيرِ ظَاهِرَاً؟

فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: أَلَا لَعَمْرِي، وَلَكِنْ أَصْنَعُ لَكِ نَعْشَاً كَمَا رَأَيْتُ يُصْنَعُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ.

قَالَتْ: فَأَرِنِيهِ.

قَالَ: فَأَرْسَلَتْ أَسْمَاءُ إِلَى جَرَائِدَ رَطْبَةٍ، فَقُطِّعَتْ مِنَ الْأَسْوَافِ وَجُعِلَتْ عَلَى السَّرِيرِ نَعْشَاً.

وَهُوَ أَوَّلُ مَا كَانَ النَّعْشُ؛ فَتَبَسَّمَتْ فَاطِمَةُ؛ وَمَا رَأَيْتُهَا مُتَبَسِّمَةً بَعْدَ أَبِيهَا إِلَّا يَوْمَئِذٍ.

لَقَد استَحْيَت السَّيِدَةُ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا حَتى عِندَ مَوتِهَا أَن تُحمَلَ عَلى الأَعْنَاقِ  دُونَ أَن تَكُونَ مَسْتُوْرَةَ الَجسَدِ سِتراً لا يَصِفُ جَسَدَهَا الطَاهِرَ.

حَيَاءً مِنْ عُمَرَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ ضَرَبَتْ نِسَاءُ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ أَرْوَعَ مِثَالٍ للمَرْأَةِ المُسْلِمَةِ في الحَيَاءِ، فَهَذِهِ أُمُّنَا السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

روى الإمام أحمد والحاكم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِيَ الَّذِي فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي، فَأَضَعُ ثَوْبِي وَأَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي؛ فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ فَوَاللهِ مَا دَخَلْتُ إِلَّا وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابِي حَيَاءً مِنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا، تَسْتَحْيِ مِنَ الفَارُوقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ مُوَسَّدٌ في التُّرَابِ؛ فَأَيْنَ حَيَاءُ نِسَائِنَا اليَوْمَ؟ روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ، وَالإِيمَانُ فِي الجَنَّةِ».

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ، وَالحَيَاءُ سَبَبٌ لِدُخُولِ الجَنَّةِ، روى الإمام أحمد عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَقَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الشِّعْبِ إِذْ قَالَ: «انْظُرُوا، هَلْ تَرَوْنَ شَيْئَاً؟».

فَقُلْنَا: نَرَى غِرْبَانَاً فِيهَا غُرَابٌ أَعْصَمُ (هُوَ الأَبْيَضُ الجَنَاحَيْنِ وَأَحْمَرُ الرِّجْلَيْنِ) أَحْمَرُ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلَيْنِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنَ النِّسَاءِ، إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْهُنَّ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فِي الْغِرْبَانِ»(أَرَادَ قِلَّةَ مَن يَدْخُلُ الَجنَّةَ مِنَ النِّسَاءِ لأَنَّ هَذا الوَصْفَ فِي الغِربَانِ عَزِيزٌ قَلِيْلٌ).

يَقِينَاً أُمْنِيَةُ كُلِّ امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ، بَلْ أَعْظَمُ الأُمْنِيَاتِ عِنْدَهَا أَنْ تَدْخُلَ الجَنَّةَ، فَمَنْ كَانَتْ تَرْجُو دُخُولَ الجَنَّةِ فَعَلَيْهَا بِالحَيَاءِ، وَلْتَسْمَعِ الحَدِيثَ الذي رواه الإمام البخاري عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ؟

قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هَذِهِ المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللهَ لِي.

قَالَ: «إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ».

فَقَالَتْ: أَصْبِرُ؛ فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ؛ فَدَعَا لَهَا.

هَذِهِ هِيَ المَرْأَةُ المُسْلِمَةُ الحَرِيصَةُ عَلَى دُخُولِ الجَنَّةِ في الآخِرَةِ، وَالحَرِيصَةُ عَلَى سَعَادَتِهَا في حَيَاتِهَا الزَّوْجِيَّةِ، لِأَنَّ مِنْ طَبِيعَةِ الرِّجَالِ الغَيْرَةَ عَلَى نِسَائِهِمْ، فَإِذَا لَمْ تَتَحَلَّ المَرْأَةُ المُسْلِمَةُ بِالحَيَاءِ أَدَّى هَذَا الأَمْرُ إلى الشِّقَاقِ وَالخِلَافِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، الذي قَدْ يُؤَدِّي إلى طَلَاقِ المَرْأَةِ.

فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: أَجْمَلُ شَيْءٍ في المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ الغَيْرَةُ عَلَى نَفْسِهَا، حَتَّى لَا تُحَرِّكَ الغَيْرَةَ في نَفْسِ زَوْجِهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُؤَدِّي إلى الخِلَافَاتِ الزَّوْجِيَّةِ.

روى الإمام البخاري عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ، وَمَا لَهُ فِي الأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلَا مَمْلُوكٍ، وَلَا شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ (بَعِيرٍ يُسْتَقَى عَلَيْهِ) وَغَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِي المَاءَ، وَأَخْرِزُ (مِنَ الخَرْزِ وَهُوَ خِيَاطَةُ الجُلُودِ وَنَحْوُهَا) غَرْبَهُ (الدَّلْوُ الكَبِيرُ) وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ (أَعْطَاهُ) رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي (أَيْ: أَنْقُلُ النَّوَى عَلَى رَأْسِي) وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمَاً وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ: «إِخْ إِخْ (كَلِمَةٌ تُقَالُ عِنْدَ إِنَاخَةِ البَعِيرِ)» لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ.

فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنِّي قَدِ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى، فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلْتُ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى رَأْسِيَ النَّوَى، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ.

فَقَالَ: وَاللهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ، قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الفَرَسِ (تَرْوِيضَهَا وَتَدْرِيبَهَا) فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي.

قَدْ يَقُولُ قَائِلٌ: كَيْفَ يُرْدِفُهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ وَهِيَ لَيْسَتْ بِذِي مَحْرَمٍ مِنْهُ؟

يُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في فَتْحِ البَارِي: قَوْلُ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ: كَأَنَّهَا فَهِمَتْ ذَلِكَ مِنْ قَرِينَةِ الحَالِ، وَإِلَّا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يُرْكِبَهَا وَمَا مَعَهَا وَيَرْكَبَ هُوَ شَيْئَاً آخَرَ غَيْرَ ذَلِكَ؛ لِذَا قَالَتْ: فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ. اهـ.. أَو نَقُولُ: الإِرْدَافُ لَا يَسْتَلْزِمُ المُمَاسَّةَ.

وَقَوْلُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَاللهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ: يَعنِي: لَا عَارَ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ حَمْلِ النَّوَى، فَإِنَّهُ قَدْ يَتَوَهَّمُ مِنْهُ النَّاسُ خِسَّةَ النَّفْسِ وَدَنَاءَةَ الهِمَّةِ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَذِهِ السَّيِّدَةُ الجَلِيلَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا كَانَتْ تَتَفَانَى في خِدْمَةِ زَوْجِهَا عَنْ طَرِيقِ العَمَلِ المُنَاسِبِ، مَعَ احْتِرَامِ مَشَاعِرِهِ، وَالحِفَاظِ عَلَى كَرَامَتِهَا التي هِيَ أَعَزُّ مَا تَمْلِكُهُ المَرْأَةُ المُسْلِمَةُ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِنُعَلِّمْ بَنَاتِنَا قَبْلَ زَوَاجِهِنَّ خُلُقَ الحَيَاءِ، لِنُعَلِّمَهُنَّ كَلِمَةَ أَسْمَاءَ بِنْتِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ.

لِنُعَلِّمْ بَنَاتِنَا قَوْلَ بَنَاتِ سَيِّدِنَا شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾.

فَمَنْ أَرَادَتْ سَعَادَةً في حَيَاتِهَا الزَّوْجِيَّةِ فَعَلَيْهَا بِالحَيَاءِ، وَمَنْ أَرَادَتْ دُخُولَ الجَنَّةِ فَعَلَيْهَا بِالحَيَاءِ، وَمَنْ أَرَادَتْ كَرَامَةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَعَلَيْهَا بِالحَيَاءِ، فَإِنَّ الحَيَاءَ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ.

أَيَّتُهَا المَرْأَةُ المُسْلِمَةُ: رَاعِي مَشَاعِرَ زَوِجِكِ، وَلَا تُعَكِّرِي صَفَاءَ زَوْجِكِ بِفِعْلٍ مِنَ الأَفْعَالِ يُحَرِّكُ فِيهِ مَشَاعِرَ الغَيْرَةِ، وَتَحَرَّيْ مَوَاطِنَ رِضَاهُ، فَالسَّعِيدَةُ مَنْ أَرْضَتْ زَوْجَهَا في طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا جَمِيعَاً حَقَّ الحَيَاءِ مِنْكَ. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**        **     **

تاريخ الكلمة:

الأحد: 12/ رجب /1438هـ، الموافق: 9/ نيسان / 2017م

 2017-04-09
 1861
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  نحو أسرة مسلمة

28-01-2018 4192 مشاهدة
200ـ نحو أسرة مسلمة: اللَّهُمَّ فهمنيها

لِتَحْقِيقِ السَّعَادَةِ في حَيَاتِنَا الأُسَرِيَّةِ لَا بُدَّ مِنَ التَّعَامُلِ مَعَ القُرْآنِ العَظِيمِ تَعَامُلَاً صَحِيحَاً، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِالتِّلَاوَةِ مَعَ التَّدَبُّرِ، قَالَ تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ... المزيد

 28-01-2018
 
 4192
21-01-2018 5061 مشاهدة
199ـ نحو أسرة مسلمة :مفتاح سعادتنا بأيدينا

كُلَّمَا تَذَكَّرْنَا يَوْمَ الحِسَابِ، يَوْمَ العَرْضِ عَلَى اللهِ تعالى، يَوْمَ نَقِفُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى حُفَاةً عُرَاةً غُرْلَاً، وَكُلَّمَا تَذَكَّرْنَا الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَنَعِيمَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَعَذَابَ أَهْلِ النَّارِ، ... المزيد

 21-01-2018
 
 5061
14-01-2018 3659 مشاهدة
198ـنحو أسرة مسلمة : بعد كل امتحان ستعلن النتائج

صَلَاحُ أُسَرِنَا لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا عَرَفَ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الغَايَةَ مِنْ وُجُودِهِ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا؛ الكَثِيرُ مِنَ الأَزْوَاجِ مِمَّنْ دَخَلَ الدُّنْيَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي وَلَا يَعْلَمُ لِمَاذَا ... المزيد

 14-01-2018
 
 3659
08-01-2018 4244 مشاهدة
197ـنحو أسرة مسلمة: وصية الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لنا

القُرْآنُ العَظِيمُ الذي أَكْرَمَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، وَاصْطَفَانَا لِوِرَاثَتِهِ هُوَ مَصْدَرُ سَعَادَتِنَا في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَمَنْ أَرَادَ السَّعَادَةَ في حَيَاتِهِ الزَّوْجِيَّةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَعَلَيْهِ ... المزيد

 08-01-2018
 
 4244
31-12-2017 4267 مشاهدة
196ـ نحو أسرة مسلمة :دمار الأسر بسبب الفسق والفجور

إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ شَقَاءِ البُيُوتِ، وَكَثْرَةِ الخِلَافَاتِ بَيْنَ الأَزْوَاجِ، المَعَاصِيَ وَالمُنْكَرَاتِ، التي تُنَكِّسُ الرُّؤُوسَ في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ، وَالتي تُسْلِمُ إلى مُقَاسَاةِ العَذَابِ الأَلِيمِ في الدُّنْيَا قَبْلَ ... المزيد

 31-12-2017
 
 4267
24-12-2017 4068 مشاهدة
195ـنحو أسرة مسلمة : أين بيوتنا من تلاوة القرآن؟

سِرُّ سَعَادَتِنَا في حَيَاتِنَا الزَّوْجِيَّةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَحَوُّلِنَا مِنَ الشَّقَاءِ إلى السَّعَادَةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ هِدَايَتِنَا مِنَ الضَّلَالِ إلى الهُدَى القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَمَاسُكِ أُسَرِنَا ... المزيد

 24-12-2017
 
 4068

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413051926
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :